لماذا يمسح إيشاوِيَّن وجوههم بجلد الشاة؟
للأمازيغ في شمال إفريقيا عامة وخاصة إيشاوِيَّن تقاليد وعادات كثيرة ومتنوعة، لها دلالات تاريخية يجهلها الكثير من الناس، يعود ذلك إلى عدم الإهتمام بالبحث في مثل هذه الأمور التي تبدو لهم مجرد عادات عادية ورثوها عن أسلافهم دون الخوض في معرفة مغزى ومعنى هذه السلوكات وما مصدرها.
من بين هذه العادات التي تبدو بالنسبة للبعض غريبة طبعا، عادة مسح الوجه بجلد أضحية العيد، التي يقال أنّها عادة صحية تساعد على التخلص من حب الشباب، وجعل البشرة نقية ونظرة؛ لكنها في الحقيقة، إذا عدنا إلى التاريخ، تجسيد للحركة التي توعد بها القائد أكسل ”كسيلة” عقبة إبن نافع الفهري بعدما أن أهانه وسخر منه أمام جنوده، حيث مسح بيده على وجهه حاملا الجلد ونزل به على لحيته.
يقول إبن خلدون :
“وكان عقبة في غزواته – للمغرب يستهين كسيلة ويستخف به وهو في إعتقاله. وأمره يوماً بسلخ شاة بين يديه فدفعها إلى غلمانه، وأراده عقبة على أن يتولاها بنفسه، وإنتهره، فقام إليها كسيلة مغضباً.وجعل كلما دس يده في الشاة يمسح بلحيته، والعرب يقولون: ما هذا يا بربري؟ فيقول: هذا جيد للشعر، فيقول لهم شيخ منهم: إن البربري يتوعدكم. وبلغ ذلك أبا المهاجر فنهى عقبة عنه وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألف جبابرة العرب، وأنت تعمد إلى رجل جبار في قومه بدار عزة قريب عهد بالشرك فتفسد قلبه، وأشار عليه بأن يوثق منه وخوف فتكه، فتهاون عقبة بقوله.”
ويتابع إبن خلدون :
“فلما قفل – عقبة عن غزاته وإنتهى إلى طبنة صرف العساكر إلى القيروان أفواجاً ثقة بما دوخ من البلاد، وأذل من البربر حتى بقي في قليل من الناس. وسار إلى تهودة أو بادس لينزل بها الحامية. فلما نظر إليه الفرنجة طمعوا فيه وراسلوا كسيلة بن لزم ودلوه على الفرصة فيه فانتهزها، وراسل بني عمه ومن تبعهم من البربر ، وإتبعوا عقبة وأصحابه… حتى إذا غشوه بتهودة ترجل القوم وكسروا أجفان سيوفهم، ونزل الصبر وإستلحم عقبة وأصحابه… ولم يفلت منهم أحد.”
وفي هذه المعركة التي وقعت نواحي بسكرة جنوب أوراس ،إنهزم العرب وقُتل عقبة بن نافع سنة 64 هـ على يد “آكسل”.
يُحيي إيمازيغن عبر كامل أرجاء الشمال الإفريقي وخاصة “إيشاويَّن” وَعِيد أميرهم آكسل كلّ سنة، في دلالة واضحة على موقف ساكنة الشمال الإفريقي من سَادية عقبة ابن نافع الفهري، ورفضهم المطلق لكل غازٍ كما كان دأبهم منذ فجر التاريخ. هذه العادة من بين كثيرات جدّا، تمارس إلى اليوم، وليست إلا رسائل بثت في اللاوعي الجمعي لإيمازيغن عبر كامل ثامزغا، عبر عادات يمارسها جميع إيمازيغن، المحافظون منهم وفاقدوا اللغة على حد سواء، حتى دون وعي من بعضهم إلّا أنها بقيت راسخة رغم الحملات الظلامية المتتابعة لإقتلاع جذور الأمة الأمازيغية عبر محاربة عاداتها وتقاليدها الأصيلة.
يوغرطا حناشي