افتتاحيــــة
بداية؛ باسم فريق “إينوميدن.كوم” أتقدم بخالص الشّكر لكل متابعينا على وسائل التواصل الاجتماعي، وكلّ من قام بمراسلتنا، ودعمنا، قبل وأثناء وبعد افتتاح الموقع.
يرى موقع “إينوميدن.كوم” النور، وسط ظروف حالكة الظلمة تحيط بالثقافة الآمازيغية عامة والشاوية خاصة، في محاولة منّا لكسر النمط الهدّام الذي تمّ ترسيخه من قبل المتحكمين في خيوط المشهد الثقافي في بلادنا. على أنّ ثمازيغت لغة وطنية بمقتضى الدّستور، ورغم كون ثيموزغا (الآمازيغية) مكوّنا رئيسا في الهوية الجزائرية، كما تنصّ عليه ديباجة الدستور الجزائري، إلّا أنّ سياسة التقزيم والانتقائية والعبث المفاهيمي المنتهجة من قبل مختلف الأجهزة والفاعلين على الساحة الوطنية، تحيلها على حالة متقدمة من الرّكود والفلكرة والتسييس المستهلِكْ. فبينما تصرف الملايير، في تظاهرات كـ”قسنطينة عاصمة الثقافة العربية” (على سبيل المثال لا الحصر) التي يراد بها –فقط– التعويض عن عدم انخراط النظام الجزائري في الشأن “الشّرق أوسطي” بالمال والرّجال، في محاولة بائسة للتأكيد على ولائه للشرق الأوسط ثقافيا، تمنعُ الثقافة الأصيلة للبلاد، التي كانت ولا تزال وستكون حتما درعا واقيا لـ”دزاير” (الجزائر) والشمال الإفريقي من مختلف الأوبئة التثاقفية، حتّى من أبسط أشكال التمويل، إلّا عبر قنوات إدارية تعمل منهجيا على شلّ كل مبادرة حقيقية لإنعاش الثقافة والهوية الآمازيغية.
الاستئصال، أو معادلة الشعب الآيل للزوال:
تقبع مختلف المعالم الأثرية، التاريخية والطبيعية في منطقتنا، مهمَلة مهمّشة معزولة تؤول للزوال؛ ضريح إيمدغاسن النوميدي المهمل حدّ النسيان، موقع “غوفي” الطبيعي/الأثري الفريد من نوعه المحروم من أدنى المرافق، “إيغزر نييڨليذن” (وادي الملوك) بتوساليت الذي تهدده أعمال المحجرة المحاذية له دون أيّ اعتبار، ومواقع أخرى كثيرة متروكة عرضة للتآكل، والهدم، والسرقات المتتالية الممنهجة من قبل الباحثين عن الكنوز ولصوص الآثار، وسط تجاهل تامّ من أجهزة الدولة المكلّفة قانونا بحمايتها. تهمّش الثقافة الآمازيغية في مختلف أشكالها، وتحارَب اللغة الآمازيغية، وتمنع من التعليم برغم مراسيم وخزعبلات دعائية رسمية وقوانين وهمية ومؤسسات ورقية تستهلك الملايير سنويا من أجل ذلك، تمنع من التعليم بطرق تتفاوت بين الرفض المباشر المؤدلَج والتهميش التدريجي والإقصاء الكلّي، كما هو حاصل في مدارس وثانويات آوراس آمقران منذ أكثر من 15 سنة، وتتلاعب الحكومات المتعاقبة والرئيس الواحد منذ عقدين بمصير اللغة الآمازيغية بين حرف لاتيني وعربي، دون أدنى اعتبار لحرفها الأصلي “تيفيناغ”… هذا الإهمال والإقصاء ليس مجرّد تقصير أو تهاون إنما هي سياسة الاستئصال التي تهدف إلى انتزاع كلّ ما يدلّ على أصالة هذه الأرض وشعبها إرضاءا لإيديولوجيات استلابية دوغمائية، هدفها الأول والأخير تكريس لا-أصالة هذا الشّعب، وإحداث قطيعة بينه وبين هويّته وثقافته ولغته وحضارته، من أجل استعماله، واستبداله كلّما اقتضى الأمر، فتارة نشرَّق وتارة نغرَّب بكلّ سهولة ما دمنا شعبا قابلا/آيلا للزوال.
إن مواجهة هذا الواقع السقيم لا يمكن أن تكون إلّا عبر درب فكري ثقافي أصيل، يعمل وفق منهجية واضحة أساسها “تعميم الوعي” ويوفّر بديلا حقيقيا لمختلف الأكاذيب الاستلابية المستوردة التي دأبت المنظومة على تكريسها. إنّ انعدام البديل كان ولا يزال مفهوما مُشاعا من قبل السلطة الثقافية والسياسية، التي قطعت الطريق على البديل الحقيقي لعقود، وجعلتنا منوَّمين نتهافت على الآخر وننكر الأنا، وقطيعا واحدا باسم الوحدة، وحدة الاسم والشكل والعقل من أجل تحكّم أسهل فينا.
بداية المقاومة؛
إنّ مواجهة الواقع الثقافي المهترئ لـ”بلاد ءيشاوين” هي أوّل أفعال المقاومة. المقاومة التي لا يمكن أن تكون إلّا بتغيير التصوّرات النمطية لأبنائها الذين جعلتهم –تلك التصورات– يحتقرون ذواتهم، وينفرون من كلّ ما ينتمون إليه تحت مسمّيات كثيرة إلى آخرَ يعملُ منذ قرون على تحييدنا كذواتٍ من أجل التمكّن من أرضنا وخيراتها. وهو ما نحاول باستماتة أن نفعل؛ أن نقدّم مادّة تساعد على تغيير “الأفكار”. يقال أنّ “الثقافة هي رفضٌ للموت”، هو تعريف صادق نتبنّى ما يستلزمه من تخبّط ورفض ومقارعة للموت (الثقافي) بكلّ أشكاله، لذلك قررنا أن نسعى إلى تحقيق هدف أول رئيس، هو : إعادة الاعتبار لثقافتنا النوميدية الأصْليّة الأصِيلة، وبثّ الوعي بها في مختلف الأوساط عبر عدة مشاريع يعتبر موقعنا هذا ثانيها، بعد مشروع المكتبة الآمازيغية الذي لاقى نجاحا نسبيا.
أخيرا أدعوكم إلى مطالعة مختلف أركان الموقع، من أجل نظرة شاملة، دمتم أحرارا.
ڨاسمي فؤاد