01 نوفمبر 1954: يوم قرّر آوراس أن يغير وجه التّاريخ
01 نوفمبر 2015: 61 سنة تمرّ اليوم، على اندلاع إحدى أعظم الثورات التحررية في التاريخ المعاصر. تلك الثورة التي قرر أربابها رفع بندقية الصيد الآوراسية في وجه جيوش إحدى أعتى القوى الاستعمارية القديمة، في بلاد كانت منذ فجر التاريخ منبتا للحرّية، والتحرّر، والأحرار. لقرون، كان النوميديون الدرع الواقي الذي حمى الشمال الإفريقي من كلّ الغزاة، وسطر مجد أمّة عرفها القاصي والدّاني بأمّة الأحرار، أسياد أنفسهم؛ دهاء ماسنسن وحنكته السياسية التي خلطت أوراق روما من الدّاخل وإقدام يوڨرثن صانع الأمجاد، مجتمعة في قلب رجل واحد، توحّدت وراءه الصفوف والسواعد، فأعلن الحرب على فرنسا، بماله ورجاله مسطّرا في التاريخ منعرجا غير وجه العالم.
ليلة الفاتح من ومبر (نوفمبر) ؛ قرر آوراس، بعد تأمّل وتخطيط، أن يقود مسيرة تحرر الشعب الدزيري، حاملا على عاتقه مسمّى المنطقة التاريخية الأولى، وما كان من شروط الإخوة شركاء الوطن، من تحمّل المنطقة للثورة منفردة في بدايتها، وكان ذلك. فقاد مصطفى وبولعيذ، وشيحاني بشير، وعباس لغرور، وعاجل عجّول، ولحاج لخضر، وعمار عشّي ولعطر لخميسي ووو… وخيرة أبناء إيشاويّن البررة هجومات خاطفة منظمة مركّزة في محيط المنطقة التاريخية الأولى على مواقع حساسة للجيش الكولونيالي الفرنسي.
كان قادة الحرب على الجبروت الفرنسي يعلمون جيّدا أن الضريبة التي سيدفعونها، ستكون غالية، وكذلك كانت؛ لم تكن فرنسا لتقبل أن يمتدّ عصيان منطقة آوراس-نمامشا إلى بقية أرجاء البلاد، المنطقة التي وصفها سيكريتير ميتيران آنذاك في خطاب مصوّر لأهداف دعائية بالـ”…منطقة التي كانت بها أكبر عدد من محاولات التمرد…” ولذلك أعلنت فرنسا الحرب على ساكنة بلاد إيشاويّن العزل، عندما عجزت عن ردع المقاتلين الشجعان.
آلاف البيوت أحرقت، قرى بأكملها هدّمت، وقبائل هجّرت من منطقة إلى أخرى، محتشدات، تهجير، ومناطق محرّمة. قصف بكلّ أنواع الأسلحة، وحملات تفتيش ومداهمات، فقر وجوع وموت وويل وكدر… لكنّ آوراس أبى أن يركع، بل واصل مسيرة التحرر وصدّرها بأموال ودموع ودماء أبنائه إلى بقية نواحي دزاير، بكلّ عفوية ووطنية، لا يريد جزاءا ولا شكورا.
اليوم، وبعد سنوات الحرب الدامية مع العدو الفرنسي، وعقود الحكم التي تعاقبت فيها الحكومات والأنظمة متفقّة والعدوّ الفرنسي بغرابة على أمر واحد؛ تدمير المنطقة التاريخية الأولى من الدّاخل وتجهيل أبنائها وتفقيرهم من أجل التحكّم فيهم، نحتفل بالذكرى الـ61 لثورة آوراس، وثورة دزاير، على وقع أنغام المحتفلين ككل سنة بنصب تذكاري هنا، أو تشريف هناك بينما ينعم شركاء الوطن في مناطق أخرى بريع البلاد وعرق العباد، ويهنأ أبناء المتحكمين في رقاب الشعب الدزيري منذ أكثر من نصف قرن، بثروات لا حدّ لها، ويحرم منها أبناء آوراس.
ڨاسمي فؤاد