مطلب فتح قسم للأمازيغية بأوراس مطلب قديم يرجع إلى تسعينيات القرن الماضي، أعاد الشباب إحياءه مطلع سنة 2013 كأحد أهم المحاور اللازمة لإعطاء نفس جديد للأمازيغية وبعث أجيال يمكنها تقديم الكثير للغة والثقافة الشاوية، سواءً كأساتذة أو كباحثين.
فكانت البداية أن قمنا كناشطين بحملة إعلامية كثيفة على وسائل التواصل الإجتماعي الهدف منها شرح الفائدة المرجوّة من افتتاح القسم وكذا تعبئة المناضلين والمهتمّين بالشأن الأمازيغي في أوراس، ثمّ وضع عريضة وجمع توقيعات المواطنين. تلتها مراسلات لمختلف الجهات الرسمية وعلى رأسها المحافظة السامية للأمازيغية، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، رئاسة جامعة هباثنت، نوّاب بالمجلس الوطني… إلخ.
في الحقيقة، لاقت الحملة رواجا كبيرا خاصة على فيسبوك، والتفّ حول هذا المطلب الكثير من إيشاويَّن، حتى أن عدد التوقيعات المُسانِدة كان يُعدّ بالآلاف. رافقتها سلسلة مقالات في أكبر الصحف الجزائرية، لصحفيين معروفين بدفاعهم عن القضية الأمازيغية، وهو ما أعطى للقضية مساحة إعلامية مهمّة على المستوى الوطني وساهم في التعريف بها.
رغم كل هذا، إلا أننا لم نتلق أي ردّ من أي جهة كانت، فلا المحافظة السامية للأمازيغية ولا رئاسة الجامعة ولا النوّاب ولا السلطات المحلية كلّفوا أنفسهم عناء الردّ على مراسلاتنا المتكررة… بل وأن الكثير – ولحسابات سياسية ضيّقة – كانوا صراحة ضد مشروع قسم للغة والثقافة الأمازيغية بأوراس.
بعد أشهر من المطالبة، وصلتنا معلومات غير رسمية بأن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تكون قد طلبت – من خلال مراسلة داخلية – من رئاسة جامعة هباثنت، فتح القسم إذا توفرت الشروط اللازمة لذلك. هذه الأخيرة والمتمثلة في عميد الجامعة ونائبه قاما بالتكتم على الأمر حتى شهر أكتوبر 2013 أين وُضع إعلان صغير، على مدخل كلية الأدب، يؤكد على إفتتاح قسم الأمازيغية فقط إذا وصل عدد المسجلين النصاب القانوني المُحدَد بـ 25 طالب… وترك مسؤولو الجامعة مهلة 10 أيام للمدافعين عن المطلب لإيجاد العدد اللازم من الطلبة.
المؤكد أن رئاسة الجامعة أنذاك كانت تظن بأنها وضعت شروط تعجيزية ستحول دون افتتاح قسم الأمازيغية، خاصة وأن فترة الإختيارات والتسجيلات كانت قد انتهت منذ مدة.
ولكن الحقيقة كانت العكس تماما، حيث إستطعنا كناشطين وخلال أسبوع الوصول إلى أكثر من 30 طالب، قدموا من مختلف ولايات أوراس، بعضهم قام بالتحويل من إختياراتهم الأصلية إلى تخصص اللغة والثقافة الأمازيغية، والبعض الآخر طلبوا تحويلهم من أقسام اللغة الأمازيغية بجامعات بجايث، تيزي وزّو و توبيرث إلى جامعة هباثنت. قاموا بذلك فقط لأنهم شباب شاوي واعٍ بقضيته أراد تجسيد هذا المطلب وتفويت الفرصة على كل من يريد الوقوف في وجه تحقيقه.
إستكملت الإجراءات وتم افتتاح القسم رغم النقص الفادح في الإمكانيات والموارد، كانعدام مكتبة خاصّة بالأمازيغية بالجامعة. وقد صادف ذلك إفتتاح النسخة الأولى من المكتبة الرقمية الأمازيغية (www.asadlis-amazigh.com)، لذا، قمنا بإهداءها – إضافة إلى عميد المناضلين بأوراس، عمّار نقادي – إلى طلبة اللغة والثقافة الأمازيغية، راجين أن يوفر لهم آسذليس أمازيغ المراجع اللازمة لأبحاثهم ومذكراتهم.
ثلاث سنوات بعد كلّ هذا، هاهو قسم اللغة والثقافة الأمازيغية يهدينا أول دفعة من المتخرجين الذين نرى فيهم مستقبل الأمازيغية في أوراسنا الحبيب.