ماذا يفعل الصحافيون الشاوية على القناة الأمازيغية ؟
هذا السؤال تبادر إلى ذهني مؤخرا خلال متابعتي لتغطية القناة للإحتفال برأس السنة الأمازيغية “ينّار” .
بصراحة لم أتفاجأ برداءة برامج القناة الرابعة الأمازيغية في جميع المتغيرات وهو أمر ليس غريبا عن القنوات الحكومية الجزائرية التي اُستنسخت جميعها من القناة الأرضية “اليتيمة” و لم يكلّف المسئولون عنها أنفسهم أن يطلقوا عليها أسماءا خاصة أو أن يصمموا لها شعارات و اكتفوا بمجرد أرقام : القناة الأولى , الثانية , الثالثة , الرابعة (خاصة بالأمازيغية ), خامسة (قناة دينية).
غياب روح الإبداع في إنشاء القنوات انعكست كذلك على شبكاتها البرامجية فكانت السماجة و الرداءة من أبرز صفاتها.
شاهدتُ مؤخرا برنامجا على القناة الأمازيغية تخلّلته فواصل غنائية بمختلف المتغيرات الأمازيغية, فتناوب فنّانون و فرق فلكلورية غنّت بالقبائلية ثم بالمزابية . بعدها دعت المنشطة المشاهدين إلى ” متابعة هذه الرحلة الموسيقية في ربوع متغيراتنا الأمازيغية و هذه المرة إلى الأوراس ” .
في الحقيقة لم تكن “رحلة موسيقية إلى الأوراس” فالمغنّي الذي دُعي إلى الحصة أدّى أغنية …. بالعربية.
هذا المغني كان اسمه فلان “الشاوي ” و هو ليس شاويا أصلاً (لا اتذكر اسمه بالتحديد), فهو بدون شك مجرد انتهازي ألحق اسمه بلفظ “شاوي” كما يفعل الكثير من مغنيي الطابع “العرّاسي” لكي يجدوا مكانا لهم في سوق أغاني الأفراح و الملاهي .
كيف للقناة الأمازيغية أن تدعو مثل هذا الشخص لكي يمثل إيشاوين و هو لم يؤدِّ أغنية بالشاوية طيلة حياته ؟ ماذا كان ردة فعل الصحفيين الشاوية العاملين في القناة ؟ ألم يوجد بينهم من يتّصل بفريق إعداد البرنامج و أن يزوّدهم بأرقام المغنيين الشاوية الحقيقيين ؟
و الحقيقة أن هذا الأمر ليس بالفعل المعزول و إنما هو امتداد لسياسة تتبعها القناة في الترويج لثقافة شاوية فلكلورية مشوِّهة و لا أعتقد أن أي من الصحفيين الشاوية العاملين في القناة قد أبدى معارضة أو امتعاضا من هذه السياسة.
لأن هؤلاء الصحفيين ببساطة ليسوا من خرّيجي الحركة الثقافية الأوراسية , فليس لديهم التزام إزاء القضية الهوياتية و إنما يعتبرون أنفسهم مجرد موظفين لا غير .
كما لفت انتباهي كذلك صحفي شاوي يُعلق على مباريات البطولة الوطنية على القناة الرابعة . يستعمل في تعليقه على المباريات على لغة شاوية غريبة جدا . فهو يفرط في استعمال عبارات بالعربية الفصحى أو يترجمها حرفيا بالشاوية بدون أي ابداع.
احيانا يستعمل ألفاظا بالقبائلية مع ان المقابل يوجد بالشاوية : يستعمل كلمة “حاجة” مع أن لفظ “ثغاوسا” موجودة , كما يستعمل لفظ “شوية” بدل “قلي” الأصيلة . أحيانا يذكر ألفاظا شاوية و ينطقهم بالقبائلية كما يلجأ إلى توليد ألفاظ جديدة دون الاعتماد على أي مرجع .
إذا أمكننا تصور عدم إلمام الصحفي بمختف اللهجات الشاوية لا يمكننا بالمقابل تفهّم عمله على القناة لمدة سنوات دون أن يحاول تحسين مستواه في الشاوية و في الأمازيغية المعتمدة .
بالإضافة إلى ذلك لاحظت تقلّصا كبيرا في الإنتاج التي تقدمه القناة بالمتغيرة الشاوية فالقناة أنتجت مسلسلا شاويا وحيدا بثّته في شهر رمضان و هو الإنتاج الوحيد بالشاوية للقناة طيلة عام كامل. كما أن صحفيي القناة لا يتنقلون إلا نادرا لتغطية التظاهرات الثقافية في الأوراس على غرار المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي و يكتفون بالبقاء في مكاتبهم العاصمية .
ثاشاويث و تحدي التهيئة و المعيرة
تم الكشف مؤخرا على هوية رئيس و اعضاء الأكاديمية الأمازيغية الجزائرية و التي سوف تبدأ نشاطها بشكل رسمي قريبا . و من بين المهام الأساسية لهذه الأكاديمية هو العمل على مَعيَرة (standardisation) و تهيئة (aménagement) اللغة الأمازيغية و التقريب بين مختلف متغيراتها .
في رأينا قبل مباشرة هذه المَعيرة ” المقرِّبة” (standardisation convergente) للأمازيغية الموحّدة وجب البدء أولا بالعمل على المتغيرات بمَعيرة داخلية لكل متغيرة على حدى ثم التوجه بعد ذلك نحو تهيئة لغوية مرنة على المدى البعيد .
هذه الشاوية المهيّئة أو الشاوية-المعيار وجب نشرها على ثلاثة مستويات: التعليم والإعلام وإعداد الأدوات اللغوية (المعجم) .
إذا تحدّثنا هنا حول الإعلام و بالعودة إلى ما قلناه حول مستوى الصحفيين الشاوية على القناة الأمازيغية نتساءل إذا كان يمكن لهؤلاء أو لزملائهم الذين يعملون على مستوى الإذاعات الجهوية أن يضطلعوا بهذه المهمة .
الحل يكمن في تطعيم القناة الأمازيغية و قاعات تحرير الإذاعات الجهوية بمتخرجين جدد من معهد الثقافة الأمازيغية بباتنة و كذلك إعادة النظر بشكل جذري في كيفية عمل القناة الرابعة الأمازيغية و القطيعة مع الرداءة و التسطيح و الفلَكلرة التي تتعامل بها مع الموروث الثقافي و اللغوي الأمازيغي (الشاوي خاصة) و ذلك لبعث ديناميكية و روح جديدة و ترسيخ سيرورة انتعاش الأمازيغية في المجتمع وفي المؤسسات.
يوغرطا حنّاشي