حراك إيغزر نثاقّا: الدّرس الذي لا يريد إيشاويّن أن يتعلّموه
احتفلنا قبل أيام، بإصدار والي ولاية باتنة لمقررة تلغي عقد الامتياز الذي كان من المفروض تبعا له أن تقام وحدة لتصنيع الإسمنت، وسط منطقة فلاحيّة وسياحية طبيعية في إيغزر نثاقا. ورغم تعنت الإدارة ممثلة في شخص الوالي، ودعمه وإصرار أصحاب المشروع وجماعات الضغط الموالية لهم على المضي قدما من أجل البدء في أشغال تشييد المصنع، لأشهر، إلّا أن جميع مناوراتهم فشلت في النهاية، ليتوّج في النهاية، حراكٌ استصغر شأنَه الجميع في البداية بإجبار الإدارة والقيادات السياسية من ورائها والمستثمرين على إنهاء المشروع والمهادنة وتقمص دور الحوار والتفهم.
كبقية النشطاء في بلاد إيشاويّن، كنت واحدا من المنخرطين في التدوين، والنشاط من أجل هذه القضيّة، التي احتككت خلال إثارتها بعناصر عدّة، ليس لهم علاقة بـ”الحركة الثقافية الأمازيغية’ في بلاد إيشاويّن، لكنّ مردود نشاطهم يعود بفائدة أكبر وأكثر قيمة مئات المرّات من كثير من المناورات والأحداث التي نحاول نحن داخل “الحركة” إثارتها وإقامتها، دون طائل.
خلال الحركات الاحتجاجية المناهضة لمصنع الإسمنت بإيغزر نثاقا، مرّ موقف الإدارة وأصحاب المشروع بمراحل سبعة، معهودة في أيّ مواجهة مع السلطة، في هذه المنطقة وفي غيرها، وهي: التجاهل، التقزيم، الإغراء، التخويف، محاولة الاحتواء، المواجهة ثم الإذعان.
ورغم أن نشطاء إيغزر نثاقا كانوا حديثي عهد بالحركات الاحتجاجية، من فئة عمرية شابة جدّا لا يتجاوز عمر بعض قادتهم 19 سنة، إلّا أنهم نجحوا في إنهاء الحراك بمسيرة ضخمة، لم تجد الإدارة بعدها إلا الإذعان لمطالبهم، والرضوخ، لتنقلب بذلك الموازين ويتحول موقف الإدارة جذريا .
لكن وللأسف، ورغم أنّ هذا الحراك كان مغطّى بجهاز إعلامي ذاتي، أوصل جميع أخباره وتفاصيله إلى العام والخاص، عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي غزاها بوسائله الخاصة، ووسائل الإعلام التي أجبرها على التعامل مع ما يقدمه من مادة (وهي سابقة أولى في المنطقة). إلّا أنّه لا يزال، حتى اليوم، درسا متجاهَلُا من قبل الأفراد والنشطاء المهتمين بمنطقة بلاد إيشاويّن، الذين لا يزالون، والأمر عجيب حقّا، يمارسون نفس الطرق القديمة التي أثبتت لعشرات المرّات فشلا ذريعا، متجاهلين، رغم سهولة الوصول إلى المعلومة، والوسيلة، نموذجا متكاملا، قدمه النشطاء في إيغزر نثاقا، في الاتصال والحشد والتسيير والتعامل والتفاوض والمواجهة وفرض الوجود واحتلال المجال العام.
فهل يمكن، حقّا؛ لمن يرفض التعلم من تجارب وخبرات عايشها، في نفس البيئة التي يحاول النشاط من أجلها، بنفس المعطيات والوسائل والإمكانيات، أن يحدث تغييرا؟!
لا أظنّ !
ڨاسمي فؤاد