إقترن إسم “القيّاد” و الباشاغات في مخيال إيشاوين بالظلم و الطغيان و العمالة للمستعمر الفرنسي و العثماني . لقد حافظ الفرنسيون على نفس هذه العائلات التي كانت تعمل لصالح بايلك قسنطينة و جنّدوا منها عملاءا ساعدوها على تسيير المنطقة و إخماد الثورات المتتالية في الأوراس .
ولطالما كان فساد هؤلاء القّياد و تجبرهم سببا في إنتفاضة إيشاوين و إندلاع ثورات كما حدث سنة 1879 فيما يسمى بثورة موحند أُو جار الله (بوثاَسيلتْ أو بوهقنوشت ) .
بعد إنتهاء هذه الثورة قامت السلطات الفرنسية بإجراء تحقيق حول الأحداث نُظم في باتنة من 19 جويلية إلى 9 أوت , قامت خلالها لجنة التحقيق بالإستماع إلى أكثر من 124 شاهد (سجناء من الثوار , تجار , رعاة , شيوخ أعراش , ضباط فرنسيين ….) إنتهت لجنة التحقيق إلى أن السبب الرئيسي لهذه الثورة كانت الممارسات الغير إنسانية لضباط “المكاتب الفرنسية” و القيّاد و على رأسهم ” الهاشمي بن بوضياف” .
يمكننا أن نقرأ في إحدي الشهادات أن ” سلوك الهاشمي بن بوضياف تجاه بنات و نساء عرش آيث ذاوذ كان غير لائق “.
لكن القطرة التي أفاضت الكأس كانت ما يسمى بواقعة “الشكيمة” * , وهي عندما قام هذا القايد بربط رجل من عرش الزحاحفة/إيزحاحفن , ثم وضع له “الشكيمة” و إغتصب زوجته أمامه .
on racontait à l’unanimité qu’il avait attaché un homme des Zehahfa ,lui avait mis la chekima (bride ou mors) et avait abusé de sa femme devant lui
بالإضافة إلى هذه الحادثة ذكر “محند أوبلوف أو علي” أحد كبار الزحازفة أن القايد بن بوضياف كاين يصادر أملاك الفلاحين و يرهقهم بغرامات بدون وصول دفع .
كما إعترف أحد الثوار من آيث ذاوذ كان رهينة عند الفرنسيين أن القايد بوضياف فرض عليهم في ظرف سنة تسعة “ضيفات” ** .
احد الشهود من آيث وزة قال أن القايد فرض عليهم ضيفتين في العام و كانت يجب أن يكون فيها ” خروف سمين أو تيس , كسكس , رفيس , تمر , قهوة , سمن , عسل , بيض , سكر , و شمع ” .
في رسالة شكوى أخرى من كبار (إيمقرانن) عرش آيث ذاوذ بتاريخ 27 جويلية يمكننا أن نقرأ ” في شهر مارس الماضي , قام القايد (الهاشمي) بسلبنا 400 رأس من الغنم و 100 رأس من الماعز , و عشرين صاع من القمح ” .
و تضيف الرسالة ” الطيب بن بوضياف و أبناءه الموهوب و محمد هجموا على الإخوة بن رزاق من آيث تاخريبث الذين كانوا يرعون بغنمهم عند آيث أوجانا فسلبوهم ماشيتهم و قتلوهم ثم جردوا نساءهم من حليهن و من لباسهن وقد رجعن إلى خيامنا في حالة يرثى لها” .
يذكر المؤرخ عبد الحميد زوزو أن الرجل الذي كان ضحية “واقعة الشكيمة” شارك في ثورة بوهقنوشت لكنه أصيب و أُلقي عليه القبض . أما الهاشمي بن بوضياف فقد قامت السلطات الفرنسية بعزله , ظاهريا بسبب هذه الواقعة , ولكن في الحقيقة كان عزله راجعا إلى كونه لم يتنبأ بهذه الثورة التي كلفت الفرنسيين الكثير .
يوغرطا حنّاشي
*الشَّكِيمَةُ : الحديدةُ المعترضةُ في فم الفرس من اللجام , لكن “هاشكيمت” بالشاوية تعني اللجام الذي يُستعمل للحمير.
** الضيفة : بالشاوية “ديفثْ” هي وليمة كبيرة كانت تُفرض على الأهالي يدعون فيها الأعيان من باشاغات و قيّاد وكانت مكلفة جدا .
المراجع :
– L’Aurès au temps de la France coloniale : évolution politique, économique et sociale (1837-1939) / Abdelhamid Zouzou.