وفقا لكتاب عبد الحميد زوزو، الأوراس في وقت فرنسا الاستعمارية وبحوث شخصية في أرشيف Aix en Provence (ANOM) و في Gallica، موقع BNF.
وُلد سي صادق أولحاج في قصر ناه يوب بالقرب من بسكرث (بسكرة) حوالي 1790-1791، اسمه الكامل، حسب النصوص الفرنسية، هو محند صادق أولحاج الطاهر مميس ن كسان مميس ن منصور (محند صادق أولحاج الطاهر ابن الكسان ابن منصور) أمه أيضا من قبيلة أه يوب).
في عام 1844، عندما احتل الفرنسيون منطقة بسكرة، قرّر سي محمد أو عزوز المُسيّر الجهوي للصّوفية الرّحمانية الاستقرار في تونس. ولكن قبل مغادرته، عيّن خمسة مقدّمين، من بينهم سي صادق أو الحاج الذي كان ينشط من خلال زاوية سيدي مصمودي.
في سنة 1849، سي صادق أولحاج ساند من الجبال، مع سي عبد الحفيظ، مقدم زاوية أخناق أن سيذي ناجي (خنقة سيدي ناجي) ثورة بوزيان في الزعاطشة. ولقد ذُكر أنه قد شارك في معركة إغزر ن تسريانت (واد سريانة)، الموجهة لجلب الدعم للمدينة المحاصَرة، برفقة ابنه ابراهيم. في هذه المعركة قُتل الرائد سان جرمان (Saint-Germain). بينما، فر سي عبد الحفيظ، وسي صادق من التوقيف الذي طال الثائرين بعد سقوط وتدمير الزّعاطشة في شهر جويلية من نفس السنة.
عند موت سي عبد الحفيظ، في جويلية 1853، أصبح سي صادق الشخصية الأبرز في الرحمانية في المنطقة. كان يبتعد قدر الإمكان من الفرنسيين ورفض عدة مرات لقائهم، على النّقيض من مقدمين كُثُر آخرين، الذين أصبحوا في نفس الصف مع الفرنسيين، كمقدم طولقة ومقدم أخناق أن سيذي ناجي. في عام 1853، لأسباب أمنية، غادر ثابرماست للاستقرار في لقصر، الذي كان سهلا الدفاع منه.
إجراءات كثيرة قام بها المحتلون أقلقت أعضاء الصوفية، منها منع التجمع، منع التنقل في مجموعات كبيرة، إجبار القُيّاد وغيرهم من كبار الشخصيات على طلب رخصة من الإدارة قبل المغادرة للحج إلى مكة، وأيضا الأمر بإرسال أبناء العائلات الكبيرة للدراسة في هباثنت (باتنة) أو في بسكرث (بسكرة)، أين تم فتح مدرسة.
في عام 1858، وقت الحج الأكبر السنوي في أذرار بوس (جبل بوس)، قام سي صادق بجولة في إغزر ن آه يوب لاسيما في نارث (ناره)، إنورار (النوادر)، شير، بينما أبناؤه إبراهيم، الطاهر والغزالي قاموا بزيارة قُرى إغاسيرن (غسيرة)، زاب شرڨي، أه ملول وبرجة. قاموا بالدعوة إلى الجهاد ضد الفرنسيين. في سوق تكوكث (تكوت)، أُغلقت سلسلة الزيارات الصيفية للرجال الصالحين، حيث تم بيع الكثير من الأسلحة.
أواخر سبتمبر، أغلق سي صادق على نفسه في ثايتّويْث (قلعة جيده)، أعلى القصر ورفض أن يتعاطى مع الجنرال ديڥو (Desvaux)، قائد دائرة هباثنة (باتنة). في أكتوبر واصل ابنه ابراهيم الدعوة في إغزر ن إغاسيرن. بدأت رسائل سي صادق وإبراهيم في الانتشار، والتي تدعوا إلى الثورة ضد الفرنسيين الذين يضطهدون الدين. قُيّاد المنطقة، وعلى رأسهم محمد سرير بن ڨانا، بلّغ السلطات الفرنسية عن التهديد الذي يمثله سي صادق، وما زاد من حدة تهجمه على سي صادق أولحاج، أملاك وواحات، تابعة لهذا الأخير وقبيلته، أراد خادم فرنسا الاستيلاء عليها. بعد شهر من هذه الأحداث، ذكر تقرير عسكري فرنسي، أن قوات سي صادق بلغ تعدادها 600 رجل.
بدأت الاضطرابات في 10 نوفمبر، عندما، علِموا بنبأ تحرك معظم القوات الفرنسية من سيرتا (قسنطينة) لمواجهة القبائل في إغزر أمقران (الواد الكبير)، ملازم أول لصادق، لخضر بن كريبة، قرأ عريضة في سوق مدينة “سيدي عقبة” وحاول استثارة السكان. حاولوا توقيفه، ولكنه فرّ واحتمى في زاوية بمحاذاة الواحة. التحق به قسم من قبيلته، محمد سرير، قايد بسكرة، أراد تفريقهم، ولكن المقاومة كانت قوية، ما دفعه للتراجع وبعض من جنوده التحقوا بالأعداء. بعد ما علم بأن الجنرال ديڥو (Desvaux) قادم من هباثنت مع فرسان، احتمى مقاومو لخضر بالجبل، عند سي صادق.
بينما قام ديڥو (Desvaux) وقواته الصغيرة بمراقبة قبائل البدو الرّحل على حدود الصحراء، نزل ابراهيم مع قواته نواحي هيمسونين (مشونش). المتعاونون مع الفرنسيين كان لديهم مشروع محاصرة الثوار، بمهاجمتهم في آن واحد من الشمال ومن الجنوب، ولكن الڨومية والمشاة المجندون عند أه زيان وآه فرح الذين وصلوا أولا إلى هيمسونين تمت مفاجئتهم وهزيمتهم من طرف ابراهيم وأنصاره، من آيث آه بوسليمان وإغاسيرن. في هذه الواقعة، قُتل حفيد قايد آه زيان.
بعد النصر في هذه المعركة انفصل عن سي صادق آه زيان الذين سبق أن كانوا في صفه، ولكن القبيلة القوية آه يداود ساندته وأصبحت حليفته.
عادت الوحدات الفرنسية واحدة بعد الأخرى من إغزر أمقران (الواد الكبير) في سيرتا (قسنطينة)، بعد قسط صغير من الراحة، تم تحويلها إلى بسكرث (بسكرة). وقعت معارك صغيرة مختلفة أسفل السلسلة الجبلية ماڨ أزڨاغ (أحمر خدو) وإغزر أملال (الواد الأبيض)، مع غارات للثوار على لحبال أو برانيس الذين قاموا بردّها. حاول ديڥو (Desvaux) التشكيك في سي صادق باتهامه بالبدعة من خلال منشور يجيز للقايد مهاجمة الثوار بمغالاة. جمع ديڥو (Desvaux) قوة معتبرة في بسكرث تضم 2900 من المشاة، كان هناك عدد معتبر من الرماة الجزائريين، من الزواف، 400 فارس، فصيلة مدفعية، 30 مختص في المتفجرات، فصيلة الأسعاف و860 بغل للنقل.
حوالي 10 جانفي، دخلت الوحدة العسكرية إلى الأوراس، بمشروع مهاجمة سي صادق في معقله. بعد نصف يوم من معركة ضارية نواحي ثابرماست، تخلى على القصر 1000 إلى 1500 من ثوار لخضر، المنحدرين من آه داود، آه يوب وتراجعوا. حرق الفرنسيون الزاوية. هُزم الثوار في معركة ثانية وتفرقوا في نهاية المطاف، فرّ سي صادق مع ابنيه وحوالي 80 فردا، على أمل الهرب إلى تونس. الفرنسيون والتابعون لهم نهبوا ثايتويث مدة ثلاثة أيام وأقاموا نصبا لتذكير السكان المحليين بالمصير الذي ينتظر المتمردين.
مجموعات مسلحة كثيرة يقودها قُيّاد المناطق المجاورة حاولوا توقيف سي صادق ورفاقه، دون أن يتمكنو من ذلك. كما أن الاشتباكات سببت كذلك وفيات وجرحى في صفوفهم.
في شمال الأوراس، حلفاء “العرب*” للفرنسيين الذين أوقفتهم الثلوج تمكنوا أخيرا من الدخول إلى إغزر أملال وهاجموا قرى إغاسيرن، بينما الحلفاء القادمون من الجنوب، صعدوا انطلاقا من شتمث (شتمة)، أحرقوا ونهبوا إبانيان والديسة. وصلت برقية من وزير الجزائر والمستعمرات توصي باستعمال أشد أنواع الوحشية ضد قادة التمرد. أخيرا، تمت محاصرة سي صادق وقواته في إغلبازن بالقرب من ادرمون (رمان) من طرف ابني سي محمد بن الطيب، سي الميهوب وأحمد بن ناصر. هذا الأخير، هو قايد أخناق أن سيدي ناجي (خنقة سيدي ناجي)، هذا الأخير وعد بعدم قتل سي صادق ورفاقه، إذا رفضوا القتال واستسلموا. أمام النقص العددي واللوجستيكي، لم يبق لسي صادق أولحاج إلّا خيار الاستسلام، حقنا للدماء.
بناء على أوامر الجنرال ديڥو (Desvaux)، قامت قوات الشمال بالقضاء على قوات آه يداود وآه بوسليمان وأحرقوا قرى إغاسيرن كقرية دّشر بالقرب من غوفي، المعروفة بورشات البارود التي تُموّن الثوار. واحدة تلوى الأخرى، قبائل جبال ماڨ أزڨاغ (أحمر خدو)، إغزر ان آه عبدي وإغزر أملال بعثت بمرسوليها لإعلان إذعانها. على مشاركتها في الثورة، تم عقابهم بدفع غرامات ووجب عليهم تسليم رهائن إلى غاية الدفع الكلي لما عليهم. في المجمل الإدارة الاستعمارية حصلت ما مجموعه 301 130 فرنك، دفعتها قبائل الأوراس بسبب الثورة.
تم اقتياد الثوار إلى بسكرث (بسكرة)، أين تم حشرهم في حبس عسكري صغير في برج سان جرمان (Saint-Germain)، قبل تحويل سي صادق، أبنائه والقادة الرئيسيين للثورة إلى سيرتا (قسنطينة) تحت مرافقة، لمحاكمتهم أمام مجلس حربي.
نزلت الوحدة العسكرية الفرنسية من جبال ماڨ أزڨاغ (أحمر خدو)، مرّت ببسكرة ودخلت إغزر أملال؛ انتهت بتدمير غوفي، تم ترحيل سكانها إلى القرى المجاورة، مع منعهم من إعادة بناء قراهم. وهذا بسبب اتهام إيغاسيرن بإنشاء مصانع صنع البارود لتزويد الثوار، رغم صدور قرار استعماري يمنعهم من ذلك. للتنويه، عُرف إيغاسيرن بتصنيع البارود منذ مئات السنين وكانوا الوحيدين العارفين بأسرار المهنة في المنطقة.
في سيرتا، لم ينعقد المجلس الحربي في وقته، كان يجب ايصال الشهود، وانتظار تعليمات الوزير.ثم أن وعد الحفاظ على حياة سي صادق وأتباعه، لاقى إستياءً لدى رسميي المجلس الحربي، مما دفعهم إلى فتح تحقيق في هذه الحادثة.
في جوان، الطبيب الرئيسي لمستشفى بسكرث فضح حالة الحجز لـ 86 من السكان الأصليين المرتبطين بسي صادق في برج سان جرمان. حجرات الحجز كانت مكتظة. في جويلية تقرر نقلهم إلى تازولت (لامباز).
محاكمة سي صادق، أبناؤه وملازميه الأوائل بدأت أخيرا، في 16 أوت 1859. الأيام الأولى ميّزها حدث. نُشر تقرير لديڥو (Desvaux) في جريدة الإفريقي في قسطينة في 16 أوت أدّى إلى منع التقارير على الصحافة، ومجريات المحاكمة كانت مغلقة، بتطبيق المادة 113 من قانون العدل العسكري. وعلى ما يبدو أن تقارير تدين المكاتب العربية بأنها شجعت هذه الثورة لكي يكون لها وزن.
واحد من باشترزي سيرتا، المنتمي للرحمانية اهتم بتكاليف الدفاع الذي يقوم به المحامي ڨيلوت (Gillote)، جوبيتي (Jobity) و سانساس (Sansas)، انظم إليهم المحامي تويليي (Thuillier). مرّ ڨيلوت (Gillote) في دفاعه على انتقاد القُيّاد المحليين وضباط المكاتب العربية.
طبقا للتعليمات الوزارية، في 26 أوت، المحكمة العسكرية لقسنطينة حكمت بالموت على سي صادق ، أبناؤه إبراهيم، الطاهر، غزالي، و 11 مقاوما، علي بن شتوش (وُلد في 1835 في ڨرطة )، مبروك بن الحشيشي (من آه لخظر، وُلد في 1830 في “سيدي عقبة” ، مقدم الرحمانية ومستشار سي صادق )، لخضر بن لكريبة (وُلد في 1830 في “سيدي عقبة”)، كريبة بن القاسم، عمار بلبوكراري (من ماسيف ماڨ أزڨاغ)، محمد بن طراد (الأول الذي طاف البلاد برسائل سي صادق )، بلقاسم بن لمبارك، سليمان بن عمار بن زعلاش، سي أحمد بن الطاهر، سي محمد بن الصالح (وُلد في 1823 في “سيدي عقبة”)، جودي بللطرش (كان شيخا لآه زيان).
شُرح للمحامين أنهم إذا تنازلوا عن الاستئناف، فإنه حتما سوف تقوم الإدارة الاستعمارية بالعفو عنهم؛ وبذلك رضخوا. بالفعل، في 9 نوفمبر، الحكم بالموت خُفّف إلى الأشغال الشاقة: 15 سنة لسي صادق، 10 سنوات للبقية، 5 سنوات للطاهر. صدوق سُجن في الحراش حيث وصل في جانفي 1860، ابراهيم كذلك، ويتبين أنه قد نُقل لاحقا إلى كالڥي، ثم إلى برج سانت مارجريت. الطاهر أيضا سُجن في الحراش. تم العفو عن غزالي، لأنه كان الأصغر في عائلة سي صادق وصحته ضعيفة، ولكن وُضع تحت الإقامة الجبرية في شرشال. باقي عائلة صدوق حرّة، ولكن فُرضت عليها الإقامة الجبرية في بسكرث.
توفي سي صادق أولحاج في 26 جانفي 1862 في سجن الحراش. نُقل جثمانه إلى الأوراس. دُفن في ثابرماست في فيفري من نفس السنة، تحت حراسة مشددة. أكثر من 300 شخص من مختلف القبائل حضروا جنازته رغم المنع.
پول لوپيك (Paul Lepic)
تمت ترجمة هذا المقال من طرف الأخت هانوميديث | المقال الأصلي هنا