لقد قام الاستعمار الأعرابي المدعوم من الفقهاء وشيوخ الزوايا والمستعربة في شمال أفريقيا بأبشع حرب نفسية على الناطقين بـ “همازيغث” (اللغة الأمازيغية) لمغادرة هذه اللغة التاريخية وإحداث قطيعة نهائية معها فبعد أن استمر القتل والسبي والأسْر واختطاف الأطفال قرونا منذ الغزو الأموي إلى زحفة أعراب هلال المشؤومة وحرب الإبادة مستمرّة على “إيمازيغن” (الشعوب الأمازيغية) في “ثمازغا” (شمال أفريقيا) كلّ ذلك لم يوصل إلى إبادة الأمة الأمازيغية لأن أعدادها كما شهد بذلك ابن خلدون كبيرة جدا لا يمكن إفناءها … لذلك التجأ دعاة الاستعراب ومحو الأمازيغ من الوجود إلى حيلة أخبث وهي إبادة “همازيغث” وتصنيع شعب مستعرب يقول عن نفسه أنه عربي وأشدّ عروبة من أعراب نجد والحجاز والخليج. بدعم من الفقهاء وشيوخ الزوايا اعتبرت “همازيغث” لغة جاهلية وثنية وعلى امتداد 14 قرنا كانت خطب الجمعة تلقى بـ “ثاعرابث”! في شعب لا يفقه شيئا في اللغة العربية القرشية القرآنية وكلما زاد عدم فهم عامة المسلمين الأمازيغ لخطب الأئمة كلما زاد تقديسهم للعربية والعروبة وازداد خجلهم من لغتهم الأمازيغية التي أصبحت عارا يتوارون بسببه عن الأنظار ويخفون هذا العار … في حين تحول المستعربة الذين “تخلصوا من ذلك العار” إلى أكبر المعادين لِـ “همازيغث” وأكبر المتبرّئين منها ومن الانتساب إلى العرق الأمازيغي مع أنهم في ملامحهم ونطقهم لثاعرابث بعيدون جدا عن العوربة بآلاف الأميال.
من الأسلحة الأخرى التي وظفها بنجاح كبير أعداء الأمة الأمازيغية سلاح فرق تسد التي أنتجت التناحر القبلي بين حلف زناتة وهوارة (إشاوِيّن/الشاوية) من جهة وحلف كتامة وصنهاجة (إقبايليّن/القبايل) من جهة أخرى وبعد إخراج المستعربة من الحلفين بحيث أصبحوا لا يعترفون بأي رابط يربطهم باصولهم الامازيغية لم يهنأ البعثيون والعروبيون ولم يطمئنوا حتى زرعوا التناحر القبلي في اوساط الكنفدراليات القبلية الشاوية [ تناحر عماري – لموشي في “ماسكولا” (خنشلة)] [تناحر عبيدي – لموشي في “تيفسث” (تبسة)] تناحر [جبايلي – شليحي في “هباثنت” (باتنة)] ، تناحر [آعمّاري – سعيدي في “ماكوماداس” (أم البواقي)] … الخ هذا الوضع استفاد منه الطارئون على إقليم إشاوِيّن الذين يتنافسون على شراء العقارات وقريبا لن يبقى للبقية الباقية من إشاوِيّن الا صخور الجبال حتى ينقرضوا نهائيا.
قلت لأحدهم من اولاد سعيد الحراكتة كيف تعادي أخاك من اولاد اعمارة وهم حراكتة ايضا إلى حدّ القطيعة … ماذا لو التقيت به خارج الاقليم الشاوي هل تستمر في معاداته لتدميره وأنتما معا مستهدفان من الأعداء التاريخيين للشاويا … أما آن لهذه الحماقات أن تزول … لكن كما قال لي يبدو أن المسألة أعمق بكثير وحدثني عن اللؤم والنذالة التي وجدها في من يجمعه بهم الانتماء إلى عرق واحد وأنّ الانتحار القبلي لن ينتهي إلا بانقراض إشاوِيّن من الوجود لأنه كالطاعون والوباء القاتل.
مما أرى وألاحظ اقتنعت بما قال هذا الصديق لأنّ الأرض يرثها الصالحون والصالحون هم المتعايشون على الوئام والمحبة أما من يتناحرون ويغدر بعضهم ببعض فليس لهم الا الذل والفناء والانقراض ، فهل هناك من يعيد إليّ الأمل وهل هناك من يوقف هذا السقوط الحر في مستنقع التناحر القبلي وزرع الكراهية !؟
الشهيد كسيلة