البيان الختامي لتظاهرة ينّار قايس 2966
كبقيّة الشعوب المتحضّرة، قسّم الآمازيغ السنة وفقا لعاداتهم وحاجاتهم وملاحظاتهم للطّقس والفلك. واتّخذو من تواريخ معينة فيها، أعيادا ومواعيد ومناسبات بعضها للاحتفال، وآخر لممارسة طقوس، وآخر لأعمال فلاحية ومجتمعية مختلفة. وجعلو من يوم 14 جانفي (وفق التقويم الميلادي) رأسا للسنة الفلاحية الآمازيغية. وتحيط بهذا اليوم في الموروث الشّعبي الشّاوي، والشمال إفريقي عموما، حكايات وأساطير وتواريخ وأحداث، شكّلت جميعا تقويما آمازيغيا متميّزا يرصد الفصول بدقّة ويحتفي بالمواسم الفلاحية والأحداث التاريخية الآمازيغية المختلفة.
يسبق التقويم الآمازيغيُّ التقويمَ الميلادي بـ: 950 سنة، ويتأخر أوّل السنة الآمازيغية بـ 13 يوما عن رأس السنة الميلادي لذا فإنّ يوم 14 جانفي 2016 في التقويم الميلادي يوافق يوم 1 ينّار 2966 آمازيغي. ويحتفي الآمازيغ في كامل الشمال الإفريقي (أكانو ناطقين بالآمازيغية أو غير ناطقين) من واحة سيوا بمصر إلى جزر الكناري بإسبانيا بعيد “ينَّار” (رأس السنة الآمازيغية) بطقوس تختلف من قطر إلى آخر، ولكنّها تتشابه جميعا في دلالتها على دخول سنة جديدة.
هذه السنة، إحتفلت مدينة قايس –ولاية خنشلة – بهذا العيد في حلّة ثقافية راقية، في تظاهرة ثقافية من تنظيم نشطاء مدينة قايس، في إطار نشاطات المكتب الفرعي لبلدية قايس، لجمعية “هاخامت ثاوراسيث” لحماية التراث الأوراسي لولاية خنشلة، بالاشتراك مع موقع البوابة الثقافية الشاوية : إينوميدن.كوم وبمساهمة المجلس الشعبي البلدي لبلدية قايس.
وقد سطّرت لهذه التظاهرة الأهداف التالية:
- خلق تظاهرة سنوية بمدينة قايس، تحتفي بمناسبة رأس السنة الآمازيغية بحلّة شبابية ثقافية راقية.
- تدارس واقع تعليم اللغة الآمازيغية بمدينة قايس، وولاية خنشلة خاصة، ومنطقة آوراس الكبير عامة؛ والاشتغال على وضع خطة عمل للتحسيس والتوعية والمساهمة في تعميمها.
- فتح أبواب الحوار الجاد، بين مختلف فعاليات المجتمع المدني وإطارات التربية والتعليم من أجل العمل على تعميم اللغة الآمازيغية، وخلق نشاطات لا صفيّة متعلقة بها.
- التعريف بـقسم اللغة والثقافة الآمازيغية بجامعة باتنة، والتوعية والتحسيس بأهميتها كـقطب آكاديمي يشتغل على اللغة والثقافة والتراث الآمازيغي في منطقة آوراس الكبير.
- التعريف بالإرث الثقافي والفنّي الآمازيغي لمنطقة آوراس الكبير، وخلق فضاء تكويني مناسباتي يعنى بالتعريف بمكونات الهوية البصرية الآمازيغية.
- التعريف بـمشروع” الإعلام الثقافي البديل” بمنطقة آوارس والتعريف والترويج ودعم مختلف ورشاته وإنتاجاته.
- خلق فضاء للحوار بين مختلف الفاعلين الجمعويين من أجل التأسيس لمشروع ثقافي على مستوى مدينة قايس، بالتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة.
صعوبات جمّة تعترض النشاط الثقافي في آوراس آمقران عموما ومدينة قايس خاصّة:
إن إصرار الطاقم الشّاب المنظّم لإحتفالية رأس السنة الآمازيغية ينّار قايس 2966 كان العامل الحاسم المتحكّم في تنظيم التظاهرة من عدمه. ولولا ذلك الإصرار لما أقيمت التظاهرة أصلا نظرا للكمّ الهائل من الصعوبات التي واجهتها، ونذكر منها :
إنعدام المرافق الثقافية والعمومية لتنظيم نشاطات التظاهرة: في مدينة قايس التي تحتوي قرابة 50 ألف ساكنا ويحجّ إليها يوميا من عدد من البلديات المجاورة، أعداد لا تحصى من الزوار لأغراض مختلفة، لم يجد المنظّمون مرفقا واحدا لعقد نشاطات الاحتفالية، فالمركز الثقافي الإخوة بن العلمي الذي يحوي “قاعة محاضرات/مسرح” غير صالح بالمرّة لاستقبال الضيوف ولا لإقامة نشاطات، ناهيك عن موقعه وسط سوق يومي شعبي، مما يصعّب أي حركة حوله. وهي النقطة السوداء في جبين مدينة قايس التي كانت في يوم من الأيام مركز إشعاع ثقافي في الولاية ومنطقة آوراس بأسرها.
وأمام عدم اكتمال أشغال “المسرح” الذي لا يزال إلى اليوم منذ انطلاق الأشغال فيه سنة 2007 ورشة بناء متوقّفة اتخذتها طيور اللقلق والكلاب الضالة مأوى، وفي ظلّ انعدام قاعة محاضرات، أو مركز ثقافي، أو قاعة حفلات عمومية، أو دار سينما … إضطرّ المنظّمون إلى اختيار دار الشباب الإخوة الشهداء زواغي لإقامة الجزء الأكبر من نشاطات الاحتفالية.
إنعدام التجهيزات الضرورية في دار الشّباب الإخوة زواغي: أمام انعدام المرافق الثقافية، والحالة “المهترئة” للمرفق الثقافي الوحيد الذي كان من المفترض أن تعقد فيه هكذا تظاهرات : المركز الثقافي الإخوة الشهداء بن العلمي، لم يجد الفريق المنظّم خيارا غير دار الشّباب الإخوة زواغي،لإقامة نشاطات التظاهرة. هذه المؤسسة التي لا تملك للأسف أدنى الوسائل والشروط لإقامة هكذا إحتفاليات. نقص الوسائل، بل لنقل انعدامها، شكّل عائقا كبيرا أمام المنظّمين.
عدى جهاز العرض Datashow؛ لا تملك مؤسسة دار الشباب الإخوة زواغي أدنى الإمكانيات لتسيير نشاط علمي أو ثقافي بالطريقة المناسبة، ولذلك اضطرّ الفريق المنظم إلى استجلاب كامل عتاد الصوت (ميكروفونات ومكبّرات صوت) وشاشة العرض، وتجهيزات الإضاءة ودفع مستحقات الكراء مما رفع مصاريف التظاهرة بشكل ملحوظ. ورغم تعاون إدارة دار الشباب المشكور، إلّا أنّ الوسائل تبقى ضرورية جدّا للنشاط، وهو ما يدفعنا للتساؤل: كيف يمكن أن تُترَكَ المؤسسة الشبابية الوحيد في المدينة الأكبر بعد عاصمة الولاية هكذا بدون عتاد؟
إنعدام المرافق السياحية وهياكل الاستقبال بالمدينة: تحدّ آخر واجه المنظّمين، وأثر سلبا على سير التظاهرة وحدّ من أفق برنامجها، ألا وهو انعدام المرافق السياحية وهياكل الاستقبال في المدينة، التي لا تحتوي على فندق أو مرقد واحد، كما أنّها لا تملك مرقد شباب واحد، رغم عدد سكانها الكبير مقارنة ببلديات أخرى في الولاية منها ما يوجد بها مرقد وفندق عمومي! وأمام هذا، وفي ظلّ غلاء تكاليف الاستقبال وضعف ميزانية مكتب الجمعية، اضطرّ المنظّمون إلى تحديد عدد المدعويين والمشاركين، ولولا تدخّل السيّد رئيس المجلس الشّعبي البلدي لبلدية قايس، مشكورا، وتوفيره لعدد لائق من الغرف والوجبات عبر علاقات إنسانية، لتوقّف البرنامج وألغيت التظاهرة، وهنا يطرح السؤال نفسه: في ظلّ انعدام مرافق الاستقبال، وإجبارية السفر لأكثر من 15 كم (على الأقل) عند كلّ وجبة خلال التظاهرة، كيف من الممكن أن تقام تظاهرات أخرى في مدينة قايس؟
عدم ملاءمة القاعة متعددة الرياضات الإخوة زواغي لإقامة حفل موسيقي: في إطار التظاهرة، وطبقا للبرنامج المسطّر، اختار الفريق المنظّم أمام انعدام البدائل إقامة الحفل الموسيقي الختامي بالقاعة متعددة الرياضات الشهيد ردّاح البشير، والتي ثبت خلال الحفل أنّها غير لائقة بحفل موسيقي نظرا للكمّ الهائل من الصدّى الصادر عنها، مما حرم الجمهور الغفير الذي ملأ القاعة عن آخرها من الاستمتاع بحفل طال انتظاره. وهي نقطة سوداء أخرى في جبين مدينة قايس، التي لا مكان فيها للحفلات الموسيقية، وعلى أبنائها كما يبدو أن يكتفو بالأعراس التقليدية والحفلات المرتجلة في شوارعها.
تأخر غير مبرر في منح التراخيص من قبل مديرية التربية لولاية خنشلة:
في إطار التظاهرة، سطّر المنظّمون برنامجا متنوّعا شمل درسا نموذجيا في مادة اللغة الآمازيغية، بالمدرسة الابتدائية بدرة مسعودة، وانتهج القائمون على المكتب الفرعي للجمعية ببلدية قايس، الطرق والقنوات الرسمية للحصول على التراخيص المتعلّقة بجميع النشاطات، وعلى رأسها، ترخيص مديرية التربية لولاية خنشلة لإجراء الدرس بشكل قانوني وفي ظروف حسنة.
وبعد وضع طلب الترخيص بديوان السيد مدير التربية لولاية خنشلة، قبل أكثر من 12 يوما من تاريخ النشاط، وبعد لقائه في يوم الاستقبال مع رئيس المكتب الفرعي لبلدية قايس لجمعيتنا، وموافقته الشفهية مبدئيا وترحيبه بالنشاط الجمعوي لترقية تعليم اللغة الآمازيغية، وجد المنظّمون أبواب المديرية بعد ذلك موصدة في وجوههم أمام غياب مدير التربية ورؤساء الأقسام المسؤولين عن التراخيص، واستحالة مقابلة الأمين العام للمديرية بحجّة أنّ المقابلات تكون في يوم محدد فقط .. ورغم توفّر وسيلة الاتصال المتمثّلة في رقم الهاتف الشخصي لرئيس المكتب الفرعي لبلدية قايس، إلّا أنّ التراخيص بقيت معلّقة أمام الأبواب المغلقة، وعدم تلقّي ردّ بالقبول أو الرفض من قبل مديرية التربية وهذا ما يجعلنا نشدّد على الموضوع، ونطالب بإجابات شافية.
أمام هذه الصعوبات وجد المنظّمون أنفسهم مضطرّين إلى الارتجال وابتكار بدائل لما يمكن استبداله، وكذا إلى إلغاء جانب من النشاطات. مما أثّر سلبا على تحقيق أهداف التظاهرة، وعلى سيرها عموما. ورغم التعاون الملحوظ، المشكور، لمختلف إدارات الأجهزة والمؤسسات المحلية بداية بالمجلس الشعبي البلدي لبلدية قايس، دار الشباب الإخوة زواغي، القاعة متعددة الرياضات الشهيد ردّاح البشير، وتجاوبها وسهرها على توفير إمكانياتها كاملة لسير النشاط، إلّا أنّ ذلك للأسف لم يكن كافيا لإنجاح التظاهرة بالشكل الذي سطّر لها.
التظاهرة كانت مناسبة ثقافية خالصة:
إحتفالية ينّار قايس 2966 كانت وفق البرنامج المسطّر ثقافية خالصة، استمع خلالها الحاضرون إلى معلومات تاريخية، وأدبية وفنيّة من مختصّين وتناقشو حول الموضوع بكلّ شفافية ووضوح؛ ومن أبرز نشاطات التظاهرة : الندوة المفتوحة تحت عنوان “واقع الثقافة والنشاط الثقافي بمدينة قايس” التي أطرّها كلّ من : المكتب الفرعي لبلدية قايس لجمعية آخامت آوراسيث لحماية التراث الآوراسي لولاية خنشلة، ومكتب الجمعية الثقافية المحليّة جيل الأمل – قايس، ومكتب الجمعية المحليّة ناس المسرح – قايس، وشهدت مداخلة للفنان والممثل المعروف : طارق عشبة. أين استعرض النشطاء الثقافيون الوضعية المزرية للثقافة في المدينة واشتكى فنانو المدينة من التهميش و”الحقرة” في مدينتهم، التي يغادرونها وإنتاجاتهم مجبرين أمام غياب الوسائل والمرافق وانعدام النشاطات وبيروقراطية الإدارة، إلى خارج الولاية لأجل تجسيد إنتاجاتهم الفنية.
توصيّات التظاهرة:
ولقد توصّل المشاركون بمعية الفريق المنظّم وتبعا لملاحظات المحاضرين والمشاركين في مختلف الأنشطة إلى التوصيات التالية:
- ترسيم إحتفالية سنوية برأس السنة الآمازيغية في مدينة قايس، ولاية خنشلة؛ ترعاها السلطات العمومية، وتسهر على تنفيذها فعاليات المجتمع المدني.
- بناء وتجهيز المرافق الثقافية والشبابية الضرورية لمدينة قايس: دار الثقافة، المسرح، قاعات السينما، المسبح، قاعة المحاضرات، المرقد،
- تثمين وإعادة الإعتبار للمواقع الأثرية في مدينة قايس وماحولها وفي ولاية خنشلة ومنطقة آوراس أمقران بصفة عامة وتصنيفها : ثيبعليين، قصر الكاهنة، بئر الكاهنة.
- إنشاء مركز أبحاث متخصص في التراث الحضاري لمنطقة آوراس آمقران.
- تعميم تعليم اللغة الآمازيغية بمدارس ولاية خنشلة.
- فتح قسم خاص باللغة والثقافة الآمازيغية بجامعة عبّاس لغرور – خنشلة.
- رفع ذريعة الطلب الإجتماعي و تعميم و إلزامية تدريس اللغة الامازيغية في جميع الأطوار.
- رفع الحجم الساعي للبرامج الناطقة بالأمازيغية بالإذاعة الجهوية لخنشلة و باقي إذاعات أوراس أمقران.
- إنشاء حظيرة وطنية بشلية، للحفاظ على الأنواع البيئية الحيوانية والنباتية المعرّضة للانقراض.
- المشاركون ينددون بتوقيف برنامج “آسيلي ن-واوالن” وبالتسريح التعسفي الذي طال السيدة : فاطمة يحي باي من إذاعة باتنة الجهوية و يطالبون بإعادة دمجها .