لا تفصلنا سوى أيام قلائل على السنة الأمازيغية الجديدة آمنزو نينار 2967، وهي المناسبة التي أبت الأوراس نيوز إلا أن تطرق بابا من أبوابها، وفي زمن احتلت مواقع التواصل الاجتماعي والإلكترونية عموما نصيب الأسد من اهتمامات شعوب العالم، كان المزج بين الموروث الثقافي والتطور التكنولوجي حتمية للمزج الفسيفسائي بين الماضي والحاضر وهو الأمر الذي سار في فلكه الكثير من شباب العالم بصفة عامة والشباب الجزائري بصفة خاصة، حيث يعد “باسم عابدي” من الأوجه الالكترونية التي حاولت الدفاع عن الموروث الأوراسي بالسلاح الإلكتروني من خلال استعداده لإطلاق حصة “أمزروي نغ” أو تاريخنا على البوابة الثقافية الشاوية “إينوميدن”، والتي سيقوم الموقع ببث أولى حلقاتها قريبا، حيث خص الأوراس نيوز بهذا الحوار الشيق.
ـ كيف جاءتكم فكرة حصة “آمزروي نغ”، وما هو موضوعها؟
“أمزروي نغ” هي حصة في شكل سلسلة من الحلقات، تهتم خاصة بالتاريخ القديم والوسيط لشمال إفريقيا. أما الفكرة فجاءت نتيجة الوقوف على الغياب التام لمثل هكذا حصص على وسائل الإعلام التقليدية. لذا ارتأينا تغطية هذا النقص الفادح في مصادر المعلومة، خاصة وأن هناك إقبال وطلب كبيرين لكل ما يخص التاريخ عند متابعينا. لذلك أعطينا الكلمة لأحد أهم المناضلين والباحثين في الأوراس، الأستاذ ساسي عابدي.
ـ ما الهدف من هذه المبادرة؟
الكثير من الجزائريين، إن لم نقل أغلبيتهم لا يملكون إلا القليل من المعلومات حول تاريخ أجدادهم، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالتاريخ القديم والوسيط، فلا مقررات دراسية ولا حصص ثقافية تهتم بهذه الفترات التاريخية، لذلك فهدف الحصة هو ملء هذا الفراغ بطريقة علمية بسيطة، من خلال الاستناد لمراجع مختلفة، مقدمة من منظور قومي وطني، لدحض “ما قاله الآخرون عنّا”.
ـ كم حلقة سجلت لحد الآن؟
قمنا لحد الساعة بتسجيل 10 حلقات منها، على شكل محاور ليست بالضرورة متسلسلة زمنيا.
ـ هل يمكنك التفصيل في عناوين الحلقات؟
تبدأ السلسلة بالعودة لأصول الأمازيغ، ثم تنتقل إلى بدايات الحضارة النوميدية، وعلاقاتها بقرطاج والفينيقيين ثم تنتقل للحديث عن دور الأوراس في كل المقاومات من يوغرطا إلى تاكفاريناس مرورا بيوبا الأول.
ـ كم من الوقت استغرقتم لتجسيد الفكرة؟
تصوير الحصة “10 حلقات” أخذ منّا يومين، شارك فيه كل من يوغرطا حناشي، ڨاسمي فؤاد، يونس بن طلحة وعريفي ياسر، أما فاتح الحصة “opener”، فأخذ منّي حوالي الشهرين، لأني حاولت جاهدا إنتاج عمل احترافي يعطي للمشاهد الرغبة في مشاهدة الحصة وكذا يثمّن مضمونها من خلال ضبط كل التفاصيل السمعية والمرئية.
ـ بذكرك للدكتور ساسي عابدي هو من كبار الباحثين في الأوراس، ولكن الكثير ينتقده لأنه لم يؤلف كتابا يترك به بصمته على جبين الأوراس؟
مما ينقصنا في أوراس، ثقافة الإحترام، وأخص بالذكر إحترام مثقفينا، فمن غير الطبيعي أن ينتقد من هب ودب، قامة ثقافية ونضالية معروفة ومعترف بها في أوراس وخارجه. الرجل بدأ نضاله في سبعينيات القرن الماضي، حين كانت أدنى كلمة حول الأمازيغية تزج بصاحبها إلى السجن، وظل لسنوات طويلة المحاضر الوحيد حول الأمازيغية في الأوراس ولم تثنه سنوات الجمر والدم عن الاستمرار في نضاله رغم كل التهديدات التي تلقاها، ومازال ليومنا لا يتردد في تلبية أي نداء لخدمة القضية الأمازيغية، والدليل حصتنا التي نحن بصدد الحديث عنها. الأستاذ ساسي عابدي لديه ثمانية كتب لم تطبع، موزعة بين التاريخ والإجتماع والتراث المادي واللامادي، ناهيك عن عشرات المقالات والمحاضرات.
ـ فريق اينوميدن يعمل عملا جبارا من أجل نفض الغبار عن الأوراس فبعد عام ونصف من الوجود، ما هي أهم إنجازات البوابة الثقافية الشاوية؟
عملت البوابة الثقافية الشاوية منذ افتتاح أبوابها على ترقية الثقافة الأمازيغية وخاصة الشاوية منها والخروج بها من الصورة النمطية الفلكلورية، وذلك من خلال مواضيع مختلفة وغالبا حصرية، حيث نشر الموقع 38 مقالا بالأمازيغية، 297 بالعربية و312 مقال في النسخة الفرنسية، موزعة على عدة محاور، تاريخية، إجتماعية، لغوية، أدبية، أنترروبولوجية… ولاقت المواضيع إقبالا واسعا عند متابعينا والدليل عدد زيارات الموقع والتي قاربت 3 ملايين زائر من مختلف أنحاء العالم، خاصة الجزائر، المغرب، فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
هذا وتلقينا مئات رسائل الدعم، الشكر والتشجيع من الأوراس ومن خارجه ضف إلى ذلك إشرافنا على تظاهرات وطنية ومحلية كإحياء رأس السنة الأمازيغية “أمنزو ن ينّار” بمدينة قايس، سنة 2015، كما أطلقنا وكنا مساهمين في عدة حملات، وشاركنا في عدة أحداث ثقافية، آخرها تغطية استثنائية للمهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بـ باتنة، من خلال 25 مقال، 6 بالشاوية، 9 بالعربية و 10 بالفرنسية.
كما سمح لنا “إينوميدن” بالتواصل مع باحثين جزائريين وأوربيين، كانوا سعداء برؤية موقع ثقافي شاوي، فطلبوا منا نشر أعمالهم ومساهماتهم حول الأوراس لمشاركتها مع قرّائنا، ومنحت البوابة الثقافية الشاوية لنا الفرصة للتعرف على اختصاصيين سمحوا لنا بالتعريف بأمور لم يكن يعرفها إلا القليلون، كرسالة العالمة “جرمان تيون” التي كتبتها بالشاوية لتشفيرها حتى لا يتمكن الألمان من فهمها. وكنت قد التقيت بسكرتيرة جرمان تيون التي عملت معها لأكثر من 30 سنة بمتحف الإنسان بباريس، وسألتها “هل تعلمين أن جرمان كانت تتقن الشاوية وتستعملها في مراسلاتها؟” فأجابتني بالنفي وتفاجأت حقا عندما قدمت لها نسخة من الرسالة كان موقع إينوميدن تحصل عليها ونشرها.
باختصار إينوميدن تواصل مشوارها في فك العزلة الثقافية المضروبة على بلاد إيشاويَّن.
ـ هل ترى أنكم وصلتم إلى أهدافكم وما هي المشاريع التي انتم بصدد تجسيدها؟
بكل صراحة، أنا سعيد جدا لما وصلت إليه البوابة الثقافية الشاوية من أهداف، خاصة وأن المشروع غير ربحي ويرتكز أساسا على طموح الأعضاء والمساهمين. فنحن لا نتقاضى أي راتب وكل ما نقوم به هو من باب العمل التطوعي. لذا، ورغم نقص الإمكانيات أرى أننا وصلنا لأهدافنا المسطرة. 2017 ستحمل معها العديد من المشاريع المتمحورة حول قناة إينوميدن على أنترنت “WebTV”، نهدف من خلالها إلى التعريف بمثقفي إيشاويَّن، إضافة إلى حصة “أمزروي نغ”، سنبث مستقبلا سلسلة من اللقاءات كنا قد صورناها مع مجموعة من نخبة أوراس، كالأستاذين سليم سوهالي وسبتي معلّم، في إنتظار مقابلات أخرى سنقوم بتصويرها مستقبلا.
ـ كلمة أخير لقراء الجريدة ومتابعي باسم وموقع اينوميدن.
أشكركم جزيل الشكر على كل ما تقدمه جريدتكم في سبيل الثقافة، وكذا على دعمكم للبوّابة الثقافية الشاوية من خلال نشاطكم الإعلامي.
حاوره : إسلام. ب