أضرحة “مدغوسا ” ليست لها أي علاقة بالأهرامات المصرية يا معالي الوزير
صرّح وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي لبوابة العين الإماراتية أن الجزائر سوف “ تستقدم خبراء مصريين لكشف أسرار أهراماتها “, تصريح جاء بعد زيارته الأخيرة لموقع الأضرحة الملكية بمدغوسا أو ما يسمى ب”لجدار”ولاية تيارت .
تصريح وزير الثقافة يدل على جهل كبير بالموروث الأركيولوجي و التاريخي للجزائر , إذ أن الأضرحة الملكية لمدغوسا هي فن معماري أمازيغي خالص ليس له أي علاقة بالأهرامات المصرية.
إن الأضرحة الملكية المستديرة سواء كانت أسطوانية-مخروطية كإيمدغاسن , الضريح الموريتاني(قبر الرومية) , و ضريح تينهينان بأبليسّاَ , أو ذات التصميم المربع و التاج الهرمي المُدرج كأضرحة مدغوسا و سوق الڨور بالمغرب , هي عبارة عن أشكال هندسية متطورة من “البازينات”* و هي معالم جنائزية أمازيغية صرفة .
تعريف بالأضرحة الملكية لمدغوسا :
تقع معالم مدغوسا أو “لَجْدار” على بعد حوالي 30 كلم جنوب غرب مدينة تيارت , وعلى بعد 15 كلم شمال شرق فرندا وحوالي 7 لكم جنوب شرق مدغوسا (لذلك تسمى ضريح مدغوسا/مدغوسة).
يبلغ عددها 13 معلما يتوزعون على مجموعتين تختلفان من حيث العمر و الأهمية , تتكون المجموعة الاولى من ثلاثة أضرحة هي : A,B,C وتعلو قمم جبل لخضر أما المجموعة الثانية 10 معالم D,E,F,G,H,I,J,M,K,L تنتشر في سفح جبل ترناتن.
حسب فرضية ” رابح لحسن ” أصل “مدغوسا” التي لا تبتعد عن لجدار إلا ب 7 كلم لها علاقة وثيقة بكلمة مدغاس أو ضريح إيمدغاسن , إذ يرى الأستاذ أن كلمة إيمدغاسن قد حافظت على صيغتها الأمازيغية في بلاد إيشاوين , بينما تعربت لتصبح مدغوسا في الجهات الغربية المعربة , “يظهر أن الفرضية لها مايدعمها في النصوص التاريخية , حيث يذكر ابن خلدون أن تسمية مدغاس كانت تطلق قديما على الجد الأسطوري لفرع البتر , و بالتالي من غير المستبعد أنها كانت تطلق أيضا على الأضرحة التي دفنت فيها شخصيات سامية من الاعيان و الامراء المنتسبين إلى هذا الفرع , ويدل على ذلك التسمية القديمة التي حملها قبر المدغاسن حسب نص البكري …… تكون إذن مدافن لجدار , قد حملت قديما إسم مادغوس أو مادغاسن ثم تحولت إلى مدغوسة “.
الوصف العام :
-قاعدة مربعة أو مستطيلة يعلوها تاج هرمي مدرّج ذو أربع زوايا
-بُنيت كلها بالحجر المنحوت
– جدران القاعدة و مدرجات الهرم , تغطي حشوا داخليا يتشكل عموما من الدبش و أحيانا من بلاطات رقيقة مرتبطة فيما بينها بواسطة ملاط كلسي .
-إذا تأملنا الشكل الخارجي للجدران يتبين أن تصميمها مستوحى من بازينات الفترة المُبكرة ذات القاعدة المربعة أو المستطيلة و التاج الهرمي .
-ملحقاتها الخارجية : الساحة , البناء الصغير , المسطحة الشرقية , الأحواض , و أسوار التسييج
حفريات قادرة 1968-1970
لم تنتظر الجزائر “الخبراء المصريين” لكي يكشفو لنا أسرار موروثنا العمراني , فقد قامت “قادرة فطيمة ” بحفريات مهمة سنة 1968-1970 سمحت بالتعرف أكثر على تقنيات بناء الأضرحة و مختلف الشعائر الجنائزية التي كانت تقام فيها .
كما قامت عالمة الآثار الجزائرية بإكتشاف عدة نقوش و زخرفات بأضرحة مدغوسا وهي غالبا ما تكون صور و أشكال مستوحاة من الفن المسيحي (وهو دليل على أن السلالة الامازيغة المدفونة بالضريح كانت مسيحية) وتارة أخرى تعبر عن نمط الحياة اليومية كمشاهد الصيد.
تعتقد “قادرة” بتحفظ أن الكلمات الموجودة في النقوش أنها أسماء لشخصيات أمازيغية مثل Zarutun و Balleni.
يقول “رابح لحسن ” أن من أهم مميزات أضرحة “لجدار” أنها لم تخضع عناصرها الهندسية إلى تأثيرات إغريقية-فينيقية و يُضيف :
” ومما تجدر الإشارة إليه , أن الأمازيغ إستطاعو الحفاظ على بعض التقاليد القديمة المتعلقة بالبناء الجنائزي والشعائر الدينية , حيث لم تتمكن ديانات الأمم الدخيلة من القرطاجيين , الرومان و الوندال والبيزنطينيين أن تمحو هذه الذكريات من أذهانهم وحتى المسيحية التي تغلغلت في غرب بلاد الأمازيغ إبتداءا من نهاية القرن الرابع , لم تتمكن من طمس هذه الشعائر , بل على العكس نجد العبادة الجنائزية في لجْدار توفق بين الطابع المأتمي المحلي القديم ومظاهر الدين المسيحي في قالب متجانس ومتكامل” .
يوغرطا حنّاشي
* كلمة أمازيغية (شاوية) كان يطلقها الأهالي على القبور التلية السابقة للعهد الإسلامي التي كانو يظننونها قبوراً لوثنيين “لجوهّال” . كلمة “بازينا” أُستعملت فيما بعد كمصطلح أثري و أول من إستعملها كان “فيرو” (Feraud L.) لوصف التلال الجنائزية الترابية لسهل الركنية بضواحي مسكيانة , ثم إستعملها “لوتورنو”(Letourneux) و بعده “فيدارب ” (Faidherbe) سنة1867 و “بورڨينا”(2) (Bourguignat) سنة 1868 و كان يقصد بها التلال الجنائزية ذات الدرجات .
المراجع :
-رابح لحسن , أضرحة الملوك النوميد و الموريين
-Les Djedars: monuments funéraires Berbères de la Région de Frenda. Fatima Kadaria Kadra
-أنظر مقال إينوميدن , البازينات أو الجثوات المتطورة