ببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ وفاة الأستاذة جمعة جغلال على إثر مرض عضال ألزمها المستشفى منذ أشهر.
الفقيدة من مواليد ولاية خنشلا، متخصصة في علم الاجتماع، تنتمي لعائلة مجاهدة أنجبت أحد أكبر قادة الثورة التحريرية، عبّاس لغرور. انتقلت الفقيدة رفقة عائلتها للعيش في فرنسا، قبل اندلاع الثورة التحريرية ولم يتعد سنها آنذاك الخامسة من العمر.
احتكت بالجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا وكانت تشارك والدها في مختلف نشاطاته النضالية، حيث كان أحد قياديّي فدرالية جبهة التحرير الوطني بناحية الوسط بفرنسا.
رغم استقرار عائلتها بفرنسا، بعد الإستقلال، إلا أن الفقيدة عُرفت بحب الوطن وبنضالها في مختلف الجمعيات الجزائرية ومشاركتها في عدّة فعّاليات وتظاهرات تخصّ الجزائر بفرنسا.
بالإضافة إلى البعد الوطني كان للفقيدة مسارات نضالية أخرى، كالدفاع عن الهوية الأمازيغية وعن حقوق المرأة في الجزائر.
عملت خلال أكثر من 30 سنة على وضع مكتبة شخصية فريدة من نوعها، هدفها الحفاظ على الذاكرة الوطنية، إقتنت لتشكيلها كتب نادرة وأرشيفات تخص أوراس والجزائر بصفة عامّة.
تعرفت على الراحل، عمَّار نقادي، وعملا معاً في المجال الثقافي الخاص بمنطقة أوراس، ومن بين مشاريعهم، التبرّع بكتبهم الخاصّة لخلق مكتبة ببلاد إيشاويَّن. ومن ثمّ تطورت الفكرة لتصبح، تدعيم طلاب جامعة هباثنت بأكثر من 3600 كتاب من رصيدهما، بالإضافة لقرابة 2000 كتاب من رصيد الأستاذة جمعة، لصالح جامعة خنشلا.
كان لي الشرف أن تعرفت على جمعة جغلال سنة 2014 وعملنا على تجسيد مشروع المكتبة الرقمية الأمازيغية، وهو مشروع يهدف لمسح حوالي 200 كتاب من كتب الأستاذة جمعة جغلال لوضعها بين أيدي روّاد المكتبة في صيغة pdf وبصفة مجّانية.
عُرف عن الفقيدة وطنيتها، إطّلاعها وثقافتها الواسعين، ثباتها في قناعاتها، إخلاصها في نضالها وفي عملها، تواضعها ويدها الممدودة لمساعدة الجميع.
سيوارى جثمان المرحومة الثرى، بمسقط رأسها بخنشلا.
وبهذه المناسبة الأليمة، يتقدم فريق إينوميدن، بأخلص التعازي لعائلة جمعة جغلال. تغمَّد الله الفقيدة بالرحمة والمغفرة.
باسم عابدي