“عبد الرحمن بوعلي” على الأرجح، هو أوّل نشطاء إيشاويّن على شبكة الإنترنت، بتأسيسه لأوّل منتدى شاوي على الشبكة سنة 1997، ثمّ تأسيسه لموقع Aureschaoui.free.fr سنوات بعد ذلك؛ المدوّن المعروف باسم المدون المعروف باسم “Abder” قاد المقاومة الثقافية الشاوية على الجبهة الرقمية، بالتعاون مع عميد الباحثين في الآمازيغية ببلاد إيشاويّن “عمّار نڨادي” في إطار نشاطات جمعية “آوراس إيشاويّن”. واصل النشاط من أجل الثقافة الشاوية، صابّا اهتمامه من المهجر بفرنسا على ما كان يحصل في بلاد إيشاويّن، مرّوجا للأحداث المأساوية التي كان الإعلام العميل للسلطة يعتّم عليها، بطريقة منهجية، وكاسرا جدار الصمت الذي فرض حينها على بلاد إيشاويّن حول أحداث كأحداث “مايو آبركان” (ماي الأسود” بـ”هكوكث” (تكوت-باتنة) وأحداث “قايس” المأساوية (خنشلة).
ويعود الفضل لمقالات موقع ” Aureschaoui” في تسييج ضريح إيمدغاسن بعد أن كان مشاعا، متاحا للمخرّبين، الموقع الذي تعرّض لمحاولات اختراق كثيرة، قبل أن يتمّ حجبه بالجزائر بسبب توجّهاته الآمازيغية.
“عبد الرّحمن بوعلي” الرجل الهادئ، الذي طالما تجنّب الأضواء، قدّم الكثير خلال مشواره للحراك الثقافي الآوراسي، بمناسبة الذكرى السابعة لرحيل عميد مناضلي الآمازيغية في بلاد إيشاويّن “عمّار نڨادي” نقدّم لكم ترجمةً لمقابلة أجريت معه من قبل الزميل “يوغرطا” حناشي، في نفس المناسبة قبل سنتين؛ نشرت بتاريخ : 3 ديسمبر 2013، على صفحات مدونة “آمراو نومرير amraw n-wamrir“
كيف التقيت بـ” عمّار نڨادي”؟
عبد الرّحمن بوعلي: أعيش بباريس منذ 13 عشر سنة، أخبرتني ذات صباح، سنة 1994، ابنة أخي، أن هناك جمعية ثقافية شاوية تسمّى “آوراس إيشاويّن”، تنتج حصّة موسيقية أسبوعية تحت نفس الاسم على أمواج إذاعة محلية بباريس. في أوّل اتصال لي بالجمعية التقيت بـ”عمار نڨادي” الذي استقبلني خلال احتفالية “ينّار” أقامتها الجمعية في مقرها بالـمنطقة الرابعة عشر، بباريس.
هل حدث وعملت معه؟
عبد الرّحمن بوعلي: نعم، لقد خططنا للعمل معا منذ ذلك اللقاء الأول، أوّل مهامنا كانت بالتأكيد ضمان حضور شاوي عبر موجات الأثير من خلال تلك الحصّة (آوراس إيشاويّن)، التي كانت قصيرة لكن فعّالة. الأغاني والأشعار الشاوية (المكتوبة حصرا بالشاوية) شكلت إسمنتا صلبا جمعنا بالجالية الشاوية في باريس، التي كانت تتابعنا وتشارك معنا في الحصة. خلال لقاءات دائمة، كلّ سبت، سمحت مقرّات الجمعية بلم شمل الجالية الشاوية، لقاءات اكتشفت فيها أفرادا من الجالية الشاوية، من مختلف الطبقات (عمّال بسطاء، إطارات، باحثون، صحافيون، فنّانون…) وهكذا تمّ إثراء الحصة بأقسام أخرى كـ”عادات واحتفالات شاويةtraditions et fêtes Chaouies ” و”أسماء لآمازيغ مشاهيرPrénoms amazighs célèbres ” هذا الركن الذي كان محتواه مأخوذا من ملزمة كتبها “عمار نڨادي” يستعرض أسماء كان يحملها مشاهير آمازيغ.
نهاية تمّ حل الجمعية بسبب ضائقة، وكنت قد وعدت عمّار بنقل نشاطنا الجمعوي الشاوي إلى شبكة الإنترنت، وأسست المنتدى سنة 1997. وفي سنة 2001 أنشأت موقع Aureschaouia.free.fr والذي كان عمار نڨادي من أهم المساهمين فيه إلى جانب جمعة جغلال ورشيد حماتو.
بعد ذلك، طوّرت الموقع لإتاحة جمع الصور المتعلقة بتراثنا الآمازيغي، والجزائري عموما عن طريق إضافة مكتبة ( أكثر من 2000 صورة في المجموعة جزء كبير منها لي)، وكذا بإضافة منتدى لمواضيع غنية تعالج التاريخ والجغرافيا والمجتمع والاقتصاد والفساد والمواطنة دون أن ننسى طبعا الموضوع المركزي: الآمازيغية.
كان هناك في الموقع قسم “كتب-ورشات les livres chantiers”
عبد الرّحمن بوعلي: القسم كان فكرة عمّار، والتي رأيت أنّها فكرة ممتازة، للأسف، فالموضوع شاسع جدّا، ويحتاج إلى موقع كامل له، وفريق مسخَّر للعمل عليه، وكان الموقع في أغلب الأحيان تحت الهجوم، تشويه السمعة ومحاولات الاحتواء.
حلم عمار الأكبر كان بإنشاء مكتبة كبيرة في آوراس، للسماح للشباب الشاوي بمعرفة تاريخهم، لماذا فشل هذا المشروع؟
على فراش الموت كلّف عمار “جمعة” (جمعة جغلال) باسترجاع مجموعة كتبة ومستنداته للتبرع بها لمكتبة في آوراس، لكنّ ذلك للأسف لم يمكن تحقيقه لأسباب عائلية.
أياما بعد جنازته ورغم الصعوبات؛ أقيم محفل كبير على شرفه بـ “همروانت” (مروانة) وكنت صاحب الفكرة، حدّثنا عن هذا الحدث؟
عبد الرّحمن بوعلي : لم أكن الوحيد، كان هناك العديد من النشطاء والمناضلين، التكريم أقيم بتاريخ 16 ديسمبر 2008، في دار الثقافة بـ”ثامروانت” (مروانة) وقد اجتذب الحدث جمهورا ضخما، أهديت لعمار محاضرة تكريمية تعاقب خلالها على المنصة العديد من أصدقاء الرجل، ورفقائه في النضال – من أمثال ساسي عابدي، عمّار عليان، الهادي بوراس، عيسى براهيمي، ياسين مرشيش – للحديث عن رجل القناعات والفضائل الذي كانه، أصدقاء آخرون كانو غائبين عن الصورة ، مثل عميروش إيغونام، وسليمان، وجمعة جغلال، وصالح لغرور، لكنّهم أبو إلّا أن يشاركو من باريس في تكريم الرجل رغم المسافة، وشاركو الحضور الحدثَ عبر مكبرات الصوت في اتصالات هاتفية.
الشعر أيضا كان حاضرا، جيمي مازيغ وآكسل في زي المحارب النوميدي ألقو قصائد تكريما للراحل أسرت أفئدة الجمهور.
في حضور أبناء الراحل؛ آغنس، ستيفاني، يغمراسن، وداريس الذين كانو جدّ متأثّرين، وانتهى اليوم بزيارة المقبرة، ووضع إكليل من الزيتون على شكل حرف “آزا” الآمازيغي، على قبره، وصورة كبيرة له في “تاكسلانت”.
في ختام هذه المقابلة، هل يمكنك أن تصف لنا عمّار نڨادي في كلمات؟
حاوره: يوغرطا حناشي
ترجمة : ڨاسمي فؤاد