“صبيحة طهرات” تستنجد بشعراء الاحتياط، وبوادر أزمة بين النخب الآمازيغية والإدارة تلوح في الأفق!
انطلقت، الاثنين 08 جوان 2015 بماسكولا (خنشلة)، طبعة أخرى، هي الثامنة، لمهرجان “الأغنية والموسيقى الشاوية”، كسابقاتها لا تعدو مناسبةُ هذه المرّة “الاستعراضيةَ”، محفلٌ آخرُ من محافل السّخافة وإهدار المال العام على الدعارة الثقافية الممارسة بمنهجية وانتظام باسم وأموال إيشاوين وعلى أرضهم، بحضور أسماء، لا يمكن أن يقال عنها إلّا أنها، غريبة عن الأغنية الشاوية، وغريبة عن إيشاوين وبلادهم بالمرّة.
ما ميّز هذه الطّبعة، إلى جانب كمّ الفضائح والمهازل الإدارية والتقنية والتنظيمية، المعتادة، كانت : “محاضِرة” وصفت اللغة الآمازيغية باللغة الأجنبية، مما أثار ثائرة الشعراء والمثقّفين إيشاويّن، الذين تمّت دعوتهم إلى أمسية شعرية كانت مقررة في اليوم الموالي، وجّهت على خلفيتها منسقة الأمسية الشعرية، الإعلامية “ربيعة دريدي” نداء إلى وقفة احتجاجية قامت بعدها بتأجيلها ثم استبدالها باجتماع حضره عدد من الشعراء، ليخرجوا في نهايته ببيان أعلنوا فيه مقاطعتهم للمهرجان وحمّلوا المسؤولية الكاملة عما وصفوه بالـ”الوضع المزري والمميع للمهرجان” لمحافِظة المهرجان “صبيحة طهرات” ووجهوا عددا من المطالب إلى السلطات المعنية.
محافظة المهرجان، على رأسها مديرة الثقافة لولاية خنشلا؛ حاولت مرارا إقناع الشعراء المقاطعين بالمشاركة لكنّهم أصرّوا على موقفهم، كردّ على ما حدث، لتلجأ أخيرا مديرة الثقافة : “طهرات صبيحة” إلى استقدام أسماء أغلبها مجهول على مستوى السّاحة الأدبية الآمازيغية في بلاد إيشاويّن، مستعينة بوجهين “معروفين” قرّرا أن يضربا بعرض الحائط المبادئ، باسم الـ”خبز” كما صرّح إحد الوجهين (في إشارة إلى المقابل المالي، الذي كان حكرا على “أحباب” الإدارة دون بقية شعراء إيشاويّن)، ويقبلا إهانة اللغة والثقافة والهوية الآمازيغية الشاوية بأموال أبنائها، مقابل حفنة دنانير. وكان من المفروض أن ينظّم المقاطعون وقفة احتجاجية، في مكان وزمان انعقاد الأمسية الشعرية، لكنّهم فضّلوا الاكتفاء ببيان أرسل إلى مختلف الجهات المعنية، وعديد وسائل الإعلام الوطنية، ليتم كالعادة تجاهله من قبل الصحافة الناطقة بالعربية، وكذلك الناطقة بالفرنسية هذه المرّة، فيما يمكن أن يُعتبر خطأ تكتيكيا (فادحا) من جانب المقاطعين، الذين ضيّعوا فرصة خلق “أزمة” تضعهم موضع قوّة أمام محافظة المهرجان.
مديرية الثقافة وجدت نفسها بين مطرقة الشعراء والمثقفين المقاطعين الذين يرفضون تقزيم واحتقار الثقافة والآمازيغية في عقر دارها، وسندان التعليمات الفوقية التي صدرت منذ أشهر بإجبارية إتاحة مجال لـ”ثمازيغت” خلال برامجها، في إطار محاولة النظام الدزيري استدراك الوضع، من أجل مواجهة الموجة الداعشية القادمة من الشّرق. في انتظار ما ستسفر عنه المراحل القادمة من صراع يبدوا أنّه سيتأزّم عمّا قريب، بين مثقّفين ذوي مبدأ قرروا ألّا يسمحوا لأحد مرّة أخرى بإهانة هويّتهم المرسّمة دستورا، لا يملكون إلّا حساباتهم الفايسبوكية كمنابر، وبين إدارة كلّ همّها “سْلاك الرّاس” تملك كلّ الوسائل، لإلهاء الرّأي العام وتفويت الفرصة على المقاطعين.
ڨاسمي فؤاد