سليمة رحمون: الكتابة هي تخفِّي وراء الٱخرين من أجل إيصال أفكار
“أيتها الغجرية… ستمرضين” هو عنوان لرواية صدرت مؤخرا بدار الفارابي اللبنانية للكاتبة الشابة سليمة رحمون. قد يبدو العنوان من الوهلة الأولى عنوانا لمجرد رواية لكن تكفي قراءة الصفحات الأولى لينجذب القارئ إلى الأسلوب الجميل الذي كُتبت به, والقصة التي ليست كغيرها من القصص وعديد المواضيع والأسئلة والصراعات التي تناولتها الرواية التي تحملنا كاتبتها إلى جبال جرجرة فباريس على لسان بطلة الرواية تنهنان التي تحكي حياتها في رواية.
كاتبة الرواية تملك أيضا مجموعة شعرية تنتظر النشر وتعمل حاليا على رواية باللغة الفرنسية سترى النور العام المقبل. في هذا الحوار السريع تعود إلى روايتها وظروف كتابتها.
-صدرت لك مؤخرا روايتك الأولى “أيتها الغجرية… ستمرضين”. قبل الحديث عن الرواية، هلا عرفتنا بمن هي سليمة رحمون؟
سليمة رحمون هي امرأة جزائرية، قبائلية، من مواليد 1997، طالبة في الطب وكاتبة.
-هلا قدمت لنا روايتك في أسطر…
رواية أيتها الغجرية ستمرضين هي نص اعترافي مطول توجهه تنهنان إلى رجل راحل وهبها في ظل شهور ما سيكفيها من الحب لعمر ستمضيه دون حب. تنهنان هي فتاة قبائلية من مدينة عين الحمام، تعيش تحت سلطة الأب الذي يرى في أجساد بناته قنابلا مهيئة للانفجار، حريصا على شرف أجداده الذي قد يدنسه الحب.
تنهنان هي أصغر إخوتها، كي لا يمسها مصير أخت كبرى زفت لرجل لا تعرفه و أخت أخرى فصلت عن دراستها تتخذ لنفسها طريقا لا مخاطر فيه، وحدها دراستها ستنصفها من سلطنة الأب وعيون مدينتها التي تراقب خطواتها لكن نسيم سيظهر، تحت سماء ممطرة سيناديها “أيتها الغجرية ستمرضين”. من هنا تبدأ قصتهما، ستتمرد تنهنان، وستصبح جدران مدينة عين الحمام أصغر فاصغر لاحتواء قصتها، ستختنق، ستحارب لكن المدينة لا تغفر مثل هذه الأشياء، يأتي انتقامها كلعنة ولي صالح لذا ستجد تنهنان أن قصة حبها لم تكن سوى كذبة جعلتها الصدف تبدو حقيقة.
لكن الحب ولو بني على الكذب يبقى شعورا لا يمكن استئصاله بسهولة، لذلك تتجه نحو الكتابة، ستكتب إذن، سترثي طيف الحب الراحل، وبشجاعة الخاسرين ستدق على أبواب مدينتها، لتسأل، لتتحدى، لتعيد النظر في كل تلك المبادئ التي وقفت في طريقها.
-ما الذي يميز “أيتها الغجرية… ستمرضين” عن غيرها من الروايات التي تصدر وما الذي تعتقدين أنه يجعلها تستحق القراءة؟
لا أدري ما الذي سيجعلها تستحق القراءة، أقول ذلك لأن أجمل الكتب التي قرأتها وقعت عليها صدفة دون إشارة من غيري. لكن إذ ما قرأها أحدهم فأرجو أن يتمعن أكثر في علاقة تنهنان بمدينتها التي تمثل صراع منطقة القبائل بين الماضي و الحاضر، فهذه النقطة بالنسبة لي هي أهم ما في الرواية.
-ما الذي دفعك للكتابة وكيف كانت ظروف كتابة هذه الرواية؟
لا أدري ما الذي دفعني إلى الكتابة، في سن الخامس عشر فهمت بأن قوة ما تجعلني أرى في الكتابة إنصافا، مهربا، بدأت بالشعر و الخاطرة أي أنني كنت استسلم للإلهام واهب لأحاسيسي لغة حية، ثم قلت لنفسي لما لا أحاول أن أصب هذه اللغة على شخصيات لا تشبهني؟ لما لا أتصرف بسذاجة أقل وأحترف التخفي وراء الٱخرين من أجل إيصال أفكاري؟ وهكذا ولدت تنهنان، سنة 2014 ثم بعدها رواية باللغة الفرنسية سترى النور العام المقبل بحول الله.
-بعد تجربتك الأولى، ما الذي تعتقدين أنه يحتاجه أي شخص يريد دخول عالم الكتابة؟
لا أدري، قد يبدو ذلك ساذجا لكنني أقول له: إن كنت تريد الكتابة لأن الكتابة هي الحل الوحيد فستكتب حتما.
-القارئ لروايتك سينتبه لتلك الثورة على العادات والتقاليد والبحث عن الحرية وفي نفس الوقت انتقاد المجتمع الغربي الفرداني. أين يجب على الجزائري أن يبحث عن نفسه؟
أعجبني جدا سؤالك، صحيح، تنهنان ثائرة على العادات والتقاليد لكنها في تصادمها مع المجتمع الغربي لا تقل انتقادا. ربما قبل أربع سنوات و أنا اكتب تلك الرواية لم أكن أريد بالضرورة الإيحاء إلى المجتمع الغربي الفرداني فتنهنان امرأة تسأل لأنها تألمت، لأنها تريد فهم ما حل بها ولما؟
لكن الٱن، إن كان ذلك سينعكس على المجتمع الجزائري فأنا أدعوه ليفكر في ظل مفكريه، أن يحترف التدمير ثم البناء حسب أسسه الخاصة، الماضي ليس مساحة عيش ولا مساحة فخر، الماضي عبرة وحسب من أجل المضي قدما، أكره الذين يعيشون بأسمائهم لا بأفعالهم، بتاريخهم لا بطموحهم، كما أنني بالمقابل أكره الأفكار التي تأتي من الشرق و الغرب كأطعمة مجمدة… لذلك أسأل وأدعوهم إلى التساؤل, إلى التدبر فالمرحلة التي وصلنا إليها كمجتمع تستدعي الكثير من الحكمة و إعادة النظر في أشياء اعتبرناها إلى حد اليوم أسسا لا تمس.
أجرى الحوار لإينوميدن : مجيد سرّاح