رسالة قريتي
رسالة قريتي ….. رسالة تحكي وتتساءل؟
رسالة ……صوت……صرخة……صرخة كل شخص عاش غريبا وبعيدا بحثا عن لقمة عيشه وفارقنا بعد ما عاد ليكمل بقية أيامه في فراش الموت! رسالة الأموات والاحياء والأحياء الاموات!
يا أيها الصحفي. يامن صورني في فراش موتي منتظرا منه ان يكون منبرا لي ولكلمتي يا من كتب مقالا عني في جريدة وأراد إيصال صوتي وقال انني اريد الموت قرب اهلي …
هل حقا اريد الموت قرب اهلي؟ الا تظن أنى اريد العيش قرب اهلي وان قلت ذلك يئسا من وضعي !؟ او عن غير علم لأني لا أدري… فلم تتح لي فرصةً لأتعلم واعرف حقي فقد بنوا لي مركز شرطة قبل مركز ثقافة وقبل متحف وقبل قاعة سينما وقبل حتى مستشفى ….
صحيح من حقي ان يكون في قريتي مستشفىً وطبيباً لكي يعالجني ولكن الموت في فراش من حرير او في كوخ خرب يبقى موتا في الأخير !
يا أيها الشاعر والكاتب والمغني والطبيب وكل من اتهمني بالمُنتحر وبممارسة مهنة الموت … لست أنا من يحتاج الى نصيحة او علاج بل دهنياتكم التي بحاجة إلى ذلك.. فالعاقل لا يُجرّم الضحية! وان سألتموني لماذا امارس مهنة الموت؟ فستجيبكم وستسألكم قريتي!؟
- لماذا يقطعون ابنائي مئات والاف الكلومترات ليجدوا لقمة عيش؟ لماذا لا يجدون عملا قرب البيت؟
- لماذا يلتقون في سوى في الاعياد فقط ؟
- لماذا يشترون الحب والمرح والسعادة بالمال ومن بلاد الناس واجدادهم مجانا تركوا كل ما هو جميل وانا كنز تاريخي وثقافي وسياحي؟
- لماذا المثقف فيَّ يهاجر ويترك بهائما تتسابق على الكرسي؟ وأي كرسي؟ كرسي ابن العم وابن الخال اما الاخر فيكفي ان يقرا آية الكرسي!؟
- لماذا يا صاحب الكرسي ومعك صاحب المال لا تريدون فتح الطرق التي ستسمح لي أن أرى العالم و أن يراني ؟
- لماذا يا أيها المندوبون “ندبتم لنا” وجمّدتم مشاريع عمرها أكثر من عمري؟
- اين طريق شناورة- اريس؟ طريق كان ليصبح وطنيا انتظرته طويلا وانا أحاول ان أبقى وطنيّا فشاخت وطنيتي ولم تفتح لا الطريق ولا الوطنية!؟
- يا أثريائي هل أنتم خائفون على تجارتكم ونظامكم المركزي؟ هل تريدون ان يبقى ابنائي سواعداً تعمل لصالحكم أبد ؟
- كانوا خدما لكم طيلة سنوات , فلمّا استنفذتم عصارة جهدهم رميتموهم قشورا و أجساداً هامدة . اشتريتم لهم كفنا وسيارة جنازات وبنيتم مسجدا اخر! فلماذا لا تنفقون القليل من أموالكم على الحياة بدل الموت؟
- مسجد نعم ما أجمل مساجدي وما اكثرها وما افخمها!
- مساجدي يوجد منها ما بني بحرفة ابنائي. لما لم يقولو حينها مهنة الموت؟
- مساجدي تُبنى بالحجارة الثمينة وتُزين بالأنوار الجميلة وتزود بمكيفات هواء كبيرة لا ينقطع عنها الكهرباء عندما ينقطع عن البيت والمستوصف……زرابي خضراء فخمة في مساحات تتوسع كل مرة عبر صناديق زكاة وجمعيات واثرياء تمسح ضرائب مشاريعهم العملاقة في بناء بيوتك يا ربي …
- يوجد العشرات منها. فيها فقهاء ثوبهم ابيض ناصع عكس قلوبهم ! علماء فقهاء عندهم منح وضمانات اجتماعية وبيوت عمل وفي الوديان المقابلة شباب وفنانين اخضرت أصابع ايديهم من برد الشتاء وهم يلعبون على أوتار آلاتهم الموسيقية!
- الكثير من سكّاني يبحث عن الله في وكالات سياحية للعمرة والحج وجاره يموت جوعا ولا يدري!
- ولكنني لطالما تعجبت في بيوت ابنائي وهي تشبه فوضى لونها احمر ياجوري يطل على سقوفها أعمدة حديدية!! جنب منازل صغيرة قديمة جميلة!! مبنية بالحجارة منسجمة مع جمال الطبيعة!! تهدم كل مرت زاد فيها كرهنا للحياة وحبنا للموت!!
- لا يوجد فيَّ لا مصنع ولا مسبح ولا مسرح ولا …أي شيء يدل عن الحياة! أبنائي يهتمون بالموت ويحترمون كثيرا الأموات ولا يهمهم شأن الاحياء والحياة! يحرقون لمتعتهم أشجار جميلة عريقة في عمرها الاف السنين ولا يبالون !
- يوجد فيَّ اثرياء كرماء يحترمهم العرش ويشكرهم على ثرائهم. يتصدقون ويزكون على مساكين وفقراء. نعم ما أكرمهم فهم يهدون السمك! لكن لماذا يا ترى ينزعجون ان عرف الفقراء والمساكين كيف يصطادون السمك؟
- يوجد فيَّ شاحنة قمامة واحدة اما الباقي فيرمى في ودياني!
- يوجد فيَّ الكثير والكثير من الماء والماء ينقطع على البيوت لأيام وأحيانا لأسابيع! وينتظر كل دوره ليحظى بساعة واحدة او ساعتين وان فاتته اللحظة فيوجد ما يكفي من شاحنات الكراء!
- يوجد فيّ… دار بلدية! الدار تستخرجون منها شهادة الوفاة أكثر من شهادة الميلاد والبلدية تعلن من حين الى اخر عن انقطاعات في الكهرباء حيث ينقطع في اغلب الاحيان بدون اعلان!
- تستطيعون دفع الضرائب فيَّ لكن تقطعون مسافة 35كلم لتستخرجوا شهادة الإعفاء من الضريبة!
- يختفي فيّ الجمال يوما بعد يوم.!! لا توجد بنات جميلات كما قبل!! كل ما تبقي مقاهي مليئة بالكثير من الرجال والشيوخ وشوارع فارغة ترى فيها أطفال وفي حين اخر بنات صغيرات في عمر البراءة …البسن خمارات دفنت تحتهم طفولتهم وبراءتهم! لا تستغربوا …. فيوجد حتى من يتزوجهن في سن الثانية عشر!
- صغيرات وفي راس السنة الامازيغية نلبسهم ملحفات ونزينهم بكل أنواع الماكياج مثل البالغات!! ويصورهن الصحفيون ويستعملن كزينة في فيديو كليبات لمغنيين شاوية ونقول ثقافتنا النسوية!! ونفتخر بها ولا نستحي!! وعند بلوغهن يلتحقن بأخواتهن الكبار لانتظار موعد الاستهلاك!!
- يمارسون الحب خفية … يخافون الحب ويعبدون الخوف!! يوجد الكثير من العشاق وملجأهم الوحيد هبوط الليل ففيّ توجد حياتين!! حياة جهرا في وضح النهار وأخرى ليلا!! ببساطة الكبت صديق الجميع والجهل سيد القبيلة!!
- نعم يوجد فيّ من أراد انارة الطريق وقول كلمة الحق ولم مات رفض امامنا الصلاة عليه!! واتهمناه بالملحد الكافر!! وقذفنا امه وعرض اسرته ونعتناهم بالخونة!! وكأننا في أفلام تحكي اروبا في عصر الظلمات عندما كانوا يقتلون ويحرقون علماء ومثقفين على أساس انهم سحرة ومشعوذين!!
- اعرفك يا ابني ان أضأت طريقهم وخالفتهم قتلوك. حتى دون طعنك وحرقك بل سيحاولون ضمك إليهم ومعانقتك فيكفي ذلك دون سفك الدماء فهو الموت شخصيا! قد تستغربون لكنها الحقيقة فان لم تصدقوني فزوروني واستقروا وتأكدوا…
- لا تخافوا زوروني فمازال فيّ قلوب طيبة وشباب واعٍ وطاقة ثائرة منيرة.
- لا تخافوا زوروني قبل فوات الأوان فمازال هناك امل رغم كل هذا. يوجد ما لم يتعفن في الصندوق. من يريد ان يغير واقعه المر وإعادة كل الألوان الى حياته! يوجد كتاب وكاتبات وشعراء وشاعرات وفرق موسيقية ومسرحية… وكل أنواع الابداع!
- رغم كل شيء لم يستطيعوا قتلي وقتلنا بل فقط حرمونا من ان نلتقي مع احلامنا وآمالنا!
- فالحقيقة انا أنتم ونحن لسنا هم وهم ليسوا نحن فقط تسكنون معا فيّ ! فلا تسيئوا فهمي!
- انا الثورة وهم من يحتفلون بما يأتي ورائها!
- انا قداسة المرءة وهم من دفنوها!
- انا وأنتم ….. نحن جمال الملحفة والوشام وهم “الأسود والأبيض” الذي امتص كل الألوان!
- نعم هم ليسوا نحن…. هم من كان اسمهم “زرفة” و “علجية” و”حدة” و “مسعوذ” و “مزيان” و “علي” …. وأصبحوا “حمزة” و “خالد” و “وليد” و “هند”……عندما تفرجوا فيلم الرسالة. فجأة أصبحوا “مهند” و “نور”……. عندما تفرجوا مسلسلات تركية مدبلجة. وأصبحوا “بسملة” و “سلسبيل” و “لؤي” و “سدرة المنتهى”…. بعدما تفرجوا طيور الجنة!
- هم الهشاشة التي يحملها الريح الآتي من أي اتجاه والمتجه نحو أي اتجاه! هم ببساطة الجميع سوى هم!
- من يعلقون الاعلام في اول نوفمبر ومن يغيرونها بنفس الاعلام في 5 جويلية!
- من يصرخون الاوراس الاشم فوق طرق مهترئة ووسط حشود البربوشة والشخشوخة وسط فرق الفلكلور والرحابة ويقولون عنا “الشاوية لحرار”!
- “الشاوية لحرار” نعم ؟؟…… ينفخوننا تماما مثل كبش العيد لتسهل سلختنا!
هذا البعض مما قالته لي قريتي فهل قريتك مثل قريتي؟
هذه قريتي الموجودة في اوراسي وهذا اوراسي الموجود في قريتي فهل اوراسك مثل اوراسي؟
هذا اوراسنا الموجود في جزائرهم وهل جزائرهم توجد في اوراسنا؟
سيقولنا البعض أن قريتي لا تحب وطني فهل سئلتم وطني هل يحب قريتي؟
هذه رسالة قريتي بل قد تكون جزء من رسالتها لكل حر أراد ان يعيش حياة كريمة قرب من أحب. وحينها سيحظى بموت كريمة لا محال حتى وان مات في منتصف الطريق وهو يحاول.
فيصل عاشورة