الاسم بن محمد, المهنة شاعر, قد يكون الاسم غريبا عموما و أكيد مجهولا تماما محليا, بن محمد كاسم عند الشاوي لا يحدث نفس الاثر الذي تحدثه رائعته, “أ فافا-ينو أوفا” ربما لأنه أكبر منها فتكفيه “يما” أو “إربيثن” و أكيد “جدي” لاثبات ذلك لكن أخلاقه تصقل أفعاله و أكيد أعظم فعل لشاعرنا هي الأقوال.
ولد شاعرنا في العاشر من مارس سنة 1944 في “لاربعا ناث واسيف” ثم انتقل بسبب الحرب سنة 1956 الى العاصمة, تعرف في سن الثامنة على أعمال سليمان عازم كما التقى في شبابه المبكر بالشيخ نورالدين, الا ان جذور تعلقه بالشعر بدأت قبل ذلك مع “ايشويقن” التي ولد و نضج في حضنها و هذا ما صار مميزا لقصائده حيث بنى أوزانها على ألحان الأغاني التي كان يسمعها من والدته. في أول ظهور لقصائده على أمواج الإذاعة اقترح المنشط سعيد حيلمي المنبهر بها على شاعرنا تنشيط حصة خاصة لتتفتق يومها بذرة ميلاد أول حصة إذاعية له و هي صباح سعيد و التي كانت ذات تأثير على جيل كامل من المبدعين.
الشيء اللافت في بن محمد ليست سيرته بل التزامه, التزامه بالشعر باللغة و أكيد الأرض بن محمد ظاهرة شعرية على المستوى الشمال إفريقي بكل تنوعاته الثقافية و اللغوية فلا يمكن حصر قامة شعرية كبن محمد في الإطار القبائلي أو الأمازيغي عموما فالقيمة الإبداعية لأشعاره هي قيمة كونية عابرة للذوات, فمكونات النزعات الإبداعية فيه عميقة و مركبة فقد عرف الحرب و الحب عاش في الجبل و المدينة تعرف على كل أوجه المرأة من الأم إلى الحبيبة, بديهي أنه عرف الحب الظلم القمع الخيانة و مورست ضده العنصرية و أكيد صقل جيدا موهبة نادرا ما قد تتكرر و ما زاد الشعر بيتا هو ما يخالف القول العربي بان أجود الشعر أكذبه فبن محمد قوته جودة قصائده عمقها كله ناتج عن صدق مع اللغة مع الأفكار و المشاعر و أكيد الصدق مع نفسه و المتلقي ما توج عبقريته المتميزة.
عرفت الساحة الثقافية الشمال افريقية حديثا قامات في كل الأصناف الأدبية بمختلف اللغات التي عرفت حضت بالرعاية الرسمية لكن أن يبرز شاعر مع الإدراك أولا أن الشعر بحد ذاته غير منتج للأسماء الكبيرة لواقع الاهتمام الجماهيري المهمل للشعر لكن أن يبرز شاعر و بلغته الأم التي لا تحضى بالاهتمام الرسمي بل و تتعرض للتضييق و النزوع نحو الاجتثاث يعتبر انجازا فريدا و دليلا على التزام شاعرنا بقضية لا بمسار نحو الشهرة و الاعتراف الشعبي أو الرسمي خصوصا و أن جل مسيرته كانت تحت ظروف معادية للغة إبداعه و أكيد المواضيع و الأفكار المثارة في قصائده لم تكن تساعد على الالتفاف على الواقع فبن محمد لم يخض الدروب السهلة بل واجه مباشرة بقوة و جمال استثنائيين.
موح ترّي