إنتفاضة آيث سلطان و آيث سلّام ضد بايلك قسنطينة
في كتابه ” العلاقات الجزائرية الفرنسية 1791 – 1830م” يورد المؤلف محمد زروال رسالة* من أحمد باي إلى الداي حسين.
الرسالة تتحدث عن إنتفاضة عرشي ” آيث سلطان ” و “آيث سلّام ” ضد سلطة بايلك قسنطينة و رفضهم دفع الضرائب الباهضة التي كانت تفرض عليهم .
فتقول الرسالة “إن أولاد سلّام الجبائلية كانوا من حين قدم يحي أغا لأولاد سلطان نافقو معهم” و تستمر في الحديث عن هذا الإنتفاضة فتقول ” و لما رجعنا من ناحية (كذا) زمورة وفرغنا من قضية أولاد بورنان توكلنا على الله و غزوناهم …يوم الأحد السابع و عشرين من شهر تأريخه فوجدناهم بموضع وعر …. و جبلهم يقال له الرحبات……فوقعت بيننا و بينهم حرب ثم هزمهم الله تعالى ……….. وقطعنا منهم ستة و عشرين رأسا ووجهناها لقسنطينة (كذا) و إنجرح منهم أزيد من ثلاثين نفسا و مات منهم خمسة لم تقطع رؤوسهم و أخذنا لهم من الغنم ستة آلاف شاه ومن البقر مائتين و خمسين رأسا و من الخيال و البغال سبعين زايلة و مات لنا فارس من ريغه و جرح مملوك …. تعينت سلامته و مات لنا ثلاثة أفراس و خيل لا غير” .
وتؤكد الرسالة أن هذا الإنتصار على القبائل المتمردة قد وطّد أركان الأمن و فرح به الناس “إنفتح على وطنك باب عظيم من أبواب العافية و فرحت جميع الأعراش” .
نلاحظ في نص الرسالة إستعمال المخيال الديني “فهزمهم الله” لتصوير الخصوم على أنهم كفار ومن ثم شرعنة الإعتداء عليهم وسلبهم أملاكهم بإسم الدين . ومن كمية الغنائم التي حصل عليها من الإغارة على أعراش بلزمة (6000 رأس غنم , 250 من البقر , و 70 من الخيل و البغال) يمكننا أن نستنتج أن بايلك قنسطينة كان مهتما أكثر بملأ خزائنه بالأموال أكثر من حِرصه على سلامة و أمن سكان تلك المنطقة .
ومن مفارقات التاريخ أنه بعد سقوط قسنطينة , سنوات قليلة بعد هذه الحادثة , لم يجد أحمد باي من ملجأ سوى هذه المنطقة بالذات , فأستقبله آيث سلطان و خاضوا معه عدة معارك ضد الفرنسيين .
يوغرطا حنّاشي
* الرسالة مؤرخة في 29 صفر 1244 هجري . المصدر : ” العلاقات الجزائرية الفرنسية 1791 – 1830م”لمحمد زروال .