لا أريد فتح باب النحيب مرة اخرى على آوراس ولا على دزاير ، ولكنها كلمات وجب قولها ووضع نقاط على حروف أصبحت كمستحاثات قديمة.
العنوان أعلاه ليس تشكيكا في تاريخ نوفمبر الذي لست أزايد عليه ومن جهة أخرى لا أريد من أحد أن يزايد عليّ أنا الاخرى .. لن يعلّمني أحد معناه، يكفي أني ابنة المنطقة التي عرفَته حرفيا أيام ما كانت الناس تسهر وعايشة حياتها في “الكباريهات الفرنسية ” وغيرها …
عاد مرة أخرى نوفمبر على هذه المنطقة وكالعادة؛ احتفال، ترحّم، “جرعة وطنية” ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته … حد ماشاف حد من بعدها … لا أريد استعراض ما قام به أوراس وأوّل رصاصة وآخر رجل بمعنى رجل مات على هذه الارض، لأن الأغلبية منّا يعون جيدا كل هذا وإن كانوا لا يصرحون به إلا انهم يملكون من الوثائق والحقائق ما من عظمته حرّف واحرق وأُخفي عنوة ولأغراض نعرفها جميعا.
سأستغل فرصة الفاتح من نوفمبر لدعوة ابناء الأوراس من الإعلاميين والصحافيين إلى نفض الغبار عنهم والتخلص من الركاكة التي وقعنا فيها جميعا وأوقعونا فيها هم بحصة أسد ..على اعتبار أنّي أرى أن الإعلامي _إن وجد_ فهو المسؤول رقم واحد في عملية التنوير والتوعية والبحث والتنقيب واماطة الللثام عن الخُبل والتزوير والتبهليل العام الذي تشهده منطقتنا منذ الاستقلال الذي يمكننا اعتباره جميعا : استعمارا جديدا بإسم الوطنية … يا سيدي زوّدني بولاية “على كارها” واهدرلي على الوطنية من بعدها !
إعلام بدل ان يبني ويرفع يهدم ويحط
قل لي “أوشيلان” أقل لك في اي وسيلة اعلامية تعمل، وماذا ستقدم من خلالها ؟
يعتقد العديد من السذج أو من الجهلة بالمجال أو من “ضاربي النح ” أو ممارسي المهنة للأسف أن الإعلام والصحافة هما مجرد إمساك ورقة وقلم ..كاميرا وميكروفون ….والتجوال في القرى الأحياء والمدن طبعا لا ..الأمر مختلف جذريا ..
يعتقدون أنّ سنوات في مهنة هي الكفاءة ، يعتقدون أنّ مجرد اعداد روبورتاجات وصفية خبرية بلغة هزيلة وأحيانا بلغة شارع هو الإعلام المحلي القريب من المواطن …ثم ماذا بعد ؟
مشكلتنا الكبرى في أوراس ليست في الآخر الذي قصّر ويقصّر في حقنا ، بل فينا نحن أبناؤه …كيف؟
حينما يعمل شخص ما في مهنة تسمى صحافة وإعلام ولا يسعى من خلالها لخدمة الصالح العام ،حينما يرى نفس الشخص أّنّه يمارس هذه المهنة من باب مصلحته الشخصية لا غير ..هنا يجب اعادة النظر في مسعاه جذريا وفي اخلاقياته ايضا ..
عزيزي الصحافي في أوراس ،سأتجاوز أنّ أغلبية منك ليست متخصصة برغم من أنها ربما امضت سنوات طويلة في المهنة، ألا ترى، وألم تر أنّك لا تؤدي واجبك الصحافي كما يجب ؟ !
ألم تتساءل يوما ماذا قدّمت لمنطقتك ؟ أتعتقد فعلا أنّ روبورتاجات عن الكسكسي والرحابة هي ما يحتاجه أوراس فقط ،أعلم جيدا أنّك حينما تقرأ هذا ستتهمني مباشرة بالتحيز للمنطقة وبرغبة الانفصال وبأني لست وطنية، لا علينا ! هل تساءلت طوال مدة عملك كمراسل إذا ما كانت القناة التي تعمل لحسابها تستغلك لضرب منطقتك وأنت تقعل ذلك تحت إمرتها كمنقاد لا يعي شيئا وأكبر ما يهمه أنّ الخبر بـ 200دج وأن المقال بـ 400دج و أنّ الروبورتاج الذي تصوّره انت وتتحدث فيه انت و تشكره أنت وينشره أبناء عرشك فقط ؟
ألا ترى أنّك حينما تقدّم أوراس لا تقدّم سوى أنّ الرجل هنا قتل زوجته هناك وأنّ الابن اغتصب جدّته من أبيه وأنّ خاله استغل الفعلة هذه وسكت عنها ليسرق ذهب أخته ويرحل مع عشيقته ثم يمشي في الشوارع كشيات لجهة ما أيام الانتخابات لعله يبيع آوراسه بأقل الاثمان ويطلّ علينا وهو يضحك على مقولة : شاوي حاشا رزق ربي ويقول عنها زلة لسان؟ وعلينا كأوراسيين الحفاظ على وحدة الأمة لكي لا تنهار ؟
مصيبتنا الأكبر، أننا يا أبناء آوراس نتعامل مع بعض بمكاييل مثقوبة، على رأسها مكيال “أوشيلان ؟” والجميع يعاملوننا بمكيال (نتوما درتوا الثورة وحنا نلحسوا البقرة )، مايضروكمش قلوبكم عندما توظفون وتتعاملون مع أبناء أوراس بمكيال أوشيلان حتى في التوظيف في الصحافة؟ .. مصيبتنا ذات الأوجه المتعددة هي حتى في ما ترونه سببا تافها، حينما تمضي سنوات في مهنة لم تدرسها ورغم كل تلك السنوات لم تعرف كنه الإعلام فتلك مصيبة وعندما تريد لابن دوارك الاستمرار فيها وإن كان مثلك لا يقدّم شيئا لمجرد استمرار “عرشك” في تسيّد مجال حساس لمجرد ابقاء السلطة و “المعريفة” فيه فهذه ليست مصيبة بل طامة …
حينما تقولب الصحافيين أو المتصاحفين الناشئين على قالبك، كأن تامرهم بالعمل في ذات سياقك …فأنتم تشوهون سمعة المنطقة ولا تنهضون بها للأسف.
أعتقد أننا جميعا وطنيون وهذا أمر لا غبار عليه، لكن حينما تكون الوطنية مزيفة ومستغلة لمجرد ضرب منطقة كأوراس فهنا علينا نفض العمش الذي طالنا، وللذي يرى الامر عنصرية، يمكن أن يعرف أنّ الانسان الذي لا خير فيه لمنطقته لا خير فيه لوطنه…
ستتساءلون ما دخل الاعلام في الفاتح من نوفمبر ؟
جرّبوا أن تكون الفواتح القادمة فواتح جديدة؛ بدل أن تضع أغنية وطنية قديمة في الإذاعة ومقالات مخلدة معادة في الصحف، جرّب أن تتحصل على مشاريع تنموية عملاقة لهذه المنطقة، جرّب أن تتخلّى عن “أوشلانك” لوجه مصطفى بن بولعيد ! جرّب أن تمارس الصحافة بوعي بدل الانسياق الفاضح وراء قنوات تدفع لك اموالا لتشوّه سمعة أمك … جرّب أن ترتقي بأسلوبك في التصوير الصحافي، جرّب أن ترى اعتزازك بأوراس اعتزازا عمليا لا مجرد كلام لا يسمنه، دافع عن آوراسك وأخبرهم أن المطالبة بحقوقه لم تكن يوما عنصرية.
كن عينا لـ أوراس لا عينا عليه.
المجد لشهدائنا الابرار
المجد لأوراس
لكن بالعمل لا بمجرد وطنية لسانية