أصبح ضروريا تطوير اللغة العربية بتوليد مصطلح جديد هو : البخللة
كثيرا ما هاجم المغرضون، ممن لا يحبون العربية ولا العروبة ولا رجالاتها، اللغة العربية ووصفوها بأنها لغة جامدة ثابتة لا تتطوّر، ولا تولّد لطبيعتها اللسانية المجمدة باستعمال المقدّس، لكنّي كنت دائما مؤمنا، وأنا الشاوي البربري الصلد، أنها فعلا : لغة “ثريّة”. كيف لا تكون، وهي اللغة التي يفرغ من أجلها الحكام خزائن دولهم منذ أكثر من نصف قرن لتعريب شعوبهم، ويمنحون المرافعين عنها، مهما كانت مستوياتهم منحطة، العطايا والهدايا ويقربونهم منهم ويفرضونهم على الناس، حتى يذيع صيتهم، وتكون سببا في “غناهم” .. إنها لغة تتداول في خدمتها ملايير الدولارات، أليست لغة ثرية؟! مع ذلك، فإنّ لي مأخذًا على القائمين بشؤونها؛ فهم لا يعتنون بتحديثها ولا يساهمون في فيلولوجيتها، أبدً.
رغم أنها، تستطيع بكل سهولة أن تواكب العصر وترصد وتسجل أحداثا تاريخية مهمة جدا، وتكتب بحروف من ذهب أسماء رجالها المخلصين، جزاءً بما قدموا قربانا لها، تماما كما تفعل لغات أقل منها شأنا وقدسية وعروبة، كحال “بوخوص” والآمازيغية.
وهنا، من يمكن أن نذكر أجدر وأحق بأن تشكر له العربية فضله من الأستاذ الصحفي الحافظ المجدد الجهبذ المحافظ : سليمان بخليلي، صاحب حصة خاتم سليمان. لذلك أكتب هذه الرسالة إلى أصحاب الشأن، مناشدا ومعاتبا.
أعزّائي مسؤولي المجمعات العليا للغة العربية، في البلاد العربية قاطبة، تحية وبعد؛ وهو يخطّ بأنامله الرقيقة على صفحات الكراس الذي جعله مميزا منذ صغره: كرّاس الثقافة العامة، معلومات هامة نادرة صعبة وفريدة من قبيل : عدد الأميار الذين تعاقبوا على حكم بلدية هونولولو العربية، أو اسم كلب جار الزعيم العربي هواري بومدين، أو مقاس بوركيني ابنة عمة الشاعر العربي الفذ : الفرزدق، أو قيمة المسروقات التي حصل عليها شاعرنا الهمام تأبط شرا، من عمليات قطع الطريق.
لم يكن الحافظ الفهامة سليمان بخليلي يتخيّل أنه سيحتاج يوما لكتابة شيء عن الثقافة الشاوية التي كانت منبوذة آنذاك، وغير محبوبة من قبل النظام. لكن ولأن النظام اليوم يحاول مصالحة الأمازيغية، واستعمالها، وجد نفسه، سليمان، بعد عمر طويل أمام مأزق عويص، وهو قلة اهتمامه بهذه الثقافة وعجزه عن استعمالها. بعد نقاش مع أحد صحفيي موقع إينوميدن حول الثقافة الآمازيغية، الشاوية تحديدا، أصابت سليمان الـ”ديسك دير” (disque dure) كما يصف نفسه، صحوة ما، وقرر أن يكون مهتما بها فجأة، تعويضا لإشاعته مفاهيم ساذجة وسخيفة .. بوه! أقصد متبصرة ونافذة، من قبيل : العربية لغة أهل الجنة، وأنا شاوي ولكن… وإقرارا لموقف السلطة التي يطمح، ومعه “مريدوه”، أن تنصبه وزيرا للتربية، حتّى يستبدل مقررات اللغة الفرنسية والفلسفة والرياضيات والفيزياء غير النافعة، بمواد نافعة كـ: هل تعلم، وعواصم العالم، وحدث في مثل هذا اليوم، وشاعر العربان. ليقرر بعد هذا النقاش الجاد، وبعد استخارة وعزم، أن ينشر معلومة ساحرة نادرة ثقافية شاوية، يثبت بها شاويته المستدرك بـ “لكن” إقرارها، ويبهر بها متابعيه، ويحصد جامات (des j’aimes) كثيرة، وهو ما يطمح إليه في كل ما يفعله، بحكم العادة.
لكن من أين سيأتي “الأوستاذ” سليمان بهكذا معلومة؟… لم يكن الأمر صعبا بالمرّة، فلا أسهل من السطو على محتوى موقع إينوميدن وقص شعار الموقع عن صورة حصرية تحصل عليها مسيروا الموقع عبر علاقات ومجهودات شخصية .. ولا مشكل في ذلك، فمسيروا الموقع طبعا سيشكرونه لأنه يسرق محتواهم الحصري ويطمس أدلة حصريته و”ينقح” لغته، فضلا منه، وينسبه إلى نفسه، من أجل حصد جامات كثيرة، يفاخرهم بها.
لكن ما حصل كان سخيفا فعلا، فبعد أن نسخ سليمان مقالا بأكمله، أعاد صياغته وقص شعار الموقع من على الصورة المتعلقة به. حج إلى حسابه كثير من المتحذلقين يحاولون تنبيهه إلى ذكر مصدر المعلومة، لكن كل ما قام به، من حذف للتعليقات وحظر المصرّين من أصحابها، لم يأت بنتيجة، ليقرر، بعد أن أثارت المسألة ضجة، حذف المنشور وينشرَ رسالة استعلاء تليق بمقامه، موجهة إلى مسيّري الموقع “المغمور” كما تفضل عليهم ووصفه، ينبههم إلى ضرورة توجههم بالشكر له، لما لسرقته هذه من شرف لهم، وهو المشهور المعروف الذي تواضع ونزل إلى مستواهم، وسرق منهم مقالا حصريا، منة منه وفضلا.
ولأن كثيرا جدّا من مهاجمي الأستاذ البخليلي في هذا الشأن : بربريستٌ مغرضون وعملاء لجهات أجنبية فقد كانوا متفّقين في تعاليقهم على إشاعة مفهوم غربي تغريبي مستحدث مبتدع، لا يمت لقيم العروبة التي يحميها سليماننا بصلة، ألا وهو: “الأمانة العلمية”. والراجح أن هذه “الأمانة” التي يبدوا أنها نظرية إفرنجية رأسمالية ما، تفرض على معتنقيها عند سرقة معلومة أو نص أو مادة، ذكر مصدرها. لكن، كيف يعقل أن يذكر سليمان الحكيم، مصدرًا، غيرَهُ هو، أيريد هؤلاء التّغريبيّون أن يقال : سليمان ينقل عن الآخرين؟! أم أنهم يريدون بأفعالهم هذه فرض مفهوم “الملكية الفكرية”؟ منكرين بذلك أن الملك لله، وأن العربية لغة أهل الجنة ولغة القرآن الكريم! ومحاولين طمس حقيقة أن المقال المكتوب بالعربية إنما ليس ملكا لهم لأنها ليست لغتهم ولا يحبونها، وأن سليمان أولى به وبها! أعزّائي مسؤولي المجمعات العليا للغة العربية، في البلاد العربية قاطبة؛ أكتب إليكم وقلبي يعتصره الحزن، للحيف والتهميش الذي لحق بالمبدع بخليلي. مبدع ارتقى بكلمة إبداع إلى مستوى آخر.
فبينما يعتذر الآخرون عن سب الناس، يصرّح هو بأن حسابه قد اخترق وقام القرصان المغرض بسبهم على لسانه، وبدل أن يعتذر أو يبرر عملية السرقة آنفة الذكر، بأنها مجرد “تناص” (Intertextualité)، أو أن الأفكار حرة لا مالك لها أو أن الملك لله… قام بكل ابداع بمسح كل التعليقات وحظر المناوئين له، ثم الاستنجاد بمبرر محترف يتقاضى لقاء خدماته جامات وميساجات خاصة، ثم حذف المنشور من أصله، ثم نشر منشورا يهاجم الموقع المغمور الذي لم يشكر له سطوه على مقاله الحصري، ثم استعان بغلام يسب كل من يعارضه، ثم مسح كل هذا لتكون المسألة كأنها نسي منسي… أعزّائي مسؤولي المجمعات العليا للغة العربية، في البلاد العربية قاطبة؛ صحيح تماما، أن مستوى الصحافة – خاصة المعربة – في دزاير يسير من حسن إلى أحسن، وفق معاييركم العالية، لكني لا أظنني رأيت يوما أحطّ .. بوه! أقصد أرقى من هكذا ممارسة، يحاول صاحبها بعد “سرقة” تجعله “سارقا” مهاجمة ضحية السرقة واحتقاره والتقليل من شأنه، بكل وقاحة ووضاعة .. بوه! مرّة أخرى، أقصد بكل جرأة وكبرياء.
أعزّائي مسؤولي المجمعات العليا للغة العربية، في البلاد العربية قاطبة؛ إن المستوى الراقي لما قام به جهبذنا البخليلي، قد قارب سموا، وجب معه علينا وعليكم، تكريم هذا الجهبذ الفحل، عاجلا، كيف لا وهو العربي رغم أنه شاوي، وهو الديسك دير الواسع )disque dure) وهو سيد الكلام؟!
لما سلف، أناشدكم وأطالبكم أيها السادة، بالتحرك حالا، من أجل تكريم الأستاذ البخليلي، وتخليد ذكره في العالمين بدخول اسمه الموقّر قاموس لغة أهل الجنة، التي تحيتها سلامٌ لا آزول، والأمرُ حالا ببدء العمل على توليد فعل جديد يضاف إلى قاموس العربية يصف الحالة، وربما كان : “بَخْلَلَ، يُبَخْلِلُ، بَخْلَلَةً: أي سرق الغرض ثم منّ على صاحبه، وطالبه بشكره لقاء السرقة”. وفي الأخير تفضّلوا بقبول فائق التقدير والعروبة والاحترام.
توقيع : التائه العليل، في حب البخليل ابن أبي فؤاد الڤاسمي الرميلي الشاوي الـ”لكن”ـيُّ.